17 سبتمبر 2025
تسجيلبعد ربع قرن من الزمان قضتها صحيفة "الشرق" في "بلاط صاحبة الجلالة" لا بد من كلمة حق تقال لهذه الجريدة الغراء، عرفاناً بحقها، وتقديراً لما بذلته من جهد يذكر فيشكر. جهدٍ كان عنوانه إنكار الذات وخدمة الناس، وهو عنوان يتطابق مع العمل الخيري الذي يسعى لإسعاد الناس وحل مشاكلهم، وهو هدف لا نزعم أننا حققناه في عيد الخيرية، فتلك غاية تنوء بالعصبة أولي القوة، ولا يقدر عليها إلا أولو العزم الذين تشبهوا بالشموع التي تحرق نفسها وتذوب لتضيء الطريق للآخرين، الذين تتكاثر مشكلاتهم وتتعقد؛ فالعمل الخيري كبير في حجمه، كثير في تفاصيله، معقد في مشكلاته، يدخل في دقائق الحياة اليومية التي تتجدد معها الأحداث والوقائع، وتتغير فيها الخطط والاستراتيجيات؛ لتصبح متحركة دوماً، وهذا ما يحدث أيضا في العمل الصحفي. وإذا كانت نشأة "الشرق" تسبق نشأة عيد الخيرية بعشرة أعوام تقريباً، فإن خمسة عشر عاماً من العمل الميداني جديرة بالشهادة على شراكتنا مع هذه الجريدة الغراء، التي قدمت للعمل الخيري الكثير، حيث كانت "الشرق" بجوار "عيد" في الميدان، داعمة لجهودها الخيرية، وحلقة وصل بينها وبين المجتمع، فنالت "الشرق" ثقة الناس ومحبتهم، ولا تزال تقدم الكثير والكثير للعمل الخيري، فصفحاتها بها مكان معلوم لنشر الأعمال الخيرية وإبرازها؛ مما دفع بالمجتمع إلى المسارعة فيها، والمبادرة إليها، فكبرت معها مؤسساتنا الخيرية، وزادت مواردها من تبرعات المحسنين في قطر، وامتد نشاطها إلى كل دول العالم، وخلدت أسماء كثير من المحسنين على صدقات جارية؛ من مساجد تبنى، ومدارس تشيد، وآبار تحفر، فضلاً عن إغاثة الملهوف، وتفريج المكروب، والإعانة على نوائب الدهر بمشاريع تنموية وإنشائية تسعى لمواكبة العصر ومكافحة الفقر. ولا يقف جهد هذه الجريدة حول النشر اليومي للعمل الخيري في قطر، بل أصبحت له غاية أخرى، حيث أصبح ما كتب وثائق تؤرخ لمرحلة مهمة في العمل الخيري بقطر، ومن الممكن أن يستعين بها الدارسون والباحثون، للتأصيل لهذا العمل والتوثيق له في هذه المرحلة التاريخية المهمة؛ كي يستفيد اللاحق من جهد السابق، فيكون للاحق أجر الابتكار، وللسابق فضل المبادرة والتأسي، ولا يمنع فضل السابق أجر اللاحق فكلاً وعد الله الحسنى. لقد حاولت في هذه الكلمة أن أقدم إحصاء للقارئ لشراكة عيد الخيرية مع جريدة "الشرق"، فحال بيني وبين ما أشتهي كم هائل من شراكات، وتساءلت هل أذكر شراكة "الشرق" في حملاتنا الخيرية أم في مهرجاتنا الثقافية أم المتابعة لجهودنا اليومية من مشاريع إغاثية وتنموية؟!! وعدلت عن هذا الإحصاء؛ مخافة نسيانٍ يغمط هذه الجريدة حقها، ولا يفي بقدرها؛ مما جعل الإجمال هنا أولى، وترك التفصيل في مقام الإحسان أوفى.. وإذا كان بالمثال يتضح المقال، فإني أذكر مثلاً، أن "الشرق" تبنت نشر حالات إنسانية كانت تأتي إلى عيد الخيرية، فنجد الاتصالات تتوالى من المحسنين الكرام، استجابة لما نشر في الجريدة، وتتحول آلام الفقراء إلى آمال تعيد البسمة لوجوههم، أما "مهرجان نسائم الخير" فكانت "الشرق" أحد الرعاة الرئيسيين فيه لمدة 8 أعوام متتالية، وحملات "قهم برد الشتاء" و"بالقليل يحيا الكثير" وغيرها.. إن تلك الكلمات التي أردت أن أقولها لـ "الشرق" في احتفالها بيوبيلها الفضي، لم تأت مجاملة لها — وإن كانت تستحق — بل أتت شهادة حق سنحاسب عليها أمام الله، تلك الشهادة التي نقدمها شكراً لها، إعمالاً لقول النبي — صلى الله عليه وسلم: "من لم يشكر الناس لم يشكر الله" وفي النهاية نقول لـ "الشرق" ما قاله الشاعر: إن نحن أثنينا عليك بصالح فأنت كما نثني وفوق الذي نثني.