14 سبتمبر 2025
تسجيلفي المثل الشعبي هناك حكمة إذ يقول: " فلان مثل النيص يكذب عينه ويصدق أذنيه "،، هذا ما ينطبق على العرب خصوصا من يرتبطون مع الاحتلال الإسرائيلي بعلاقات تضامن باطنية، ومع الفلسطينيين بعلاقة بغضاء ظاهرة، إنهم يصمتون على ما هو أكثر شؤما وبؤسا وإذلالاً من خطر الإرهاب الذي أحيل عطائه لتنظيم داعش، بل إنهم يتآمرون على حماس في غزة وينتقدونها بدعوى تحرشها بإسرائيل بناء على إدعاءات وأخبار كاذبة من مسؤوليها الصهاينة، ولا يرفعون أصبعا واحدا في وجه إسرائيل التي يرون كم قتلت من البشر وكم صادرت من الأراضي وكم سجنت من الشباب، وكم مرة دنست قطعان المتطرفين مسجدنا الأقصى وضربت المصلين وحرمت الفلسطينيين من الصلاة، ثم هاهم كـ" النيص" يصدق ما تسمع أذنيه ويكذب ما تراه عينيه. غدا الأربعاء وحسب ما أعلنته لجنة المتابعة العليا في الداخل الفلسطيني المحتل عام48، فإنه سيكون يوم نفير عام للدفاع عن المسجد الأقصى، والتصدي لمحاولات اقتحام المسجد من قبل المجموعات اليهودية المتطرفة التي باتت تستبيح المسجد متى ما شاءت وتعتدي على المصلين، تحت حماية قوات الاحتلال، فيما نرى العرب جميعهم وكأنهم كائنات أخرى تسكن القطب المتجمد الشمالي، لا صوت لهم ولا حركة، حتى الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة ذابوا في هذا الحوض البارد وكأن القضية لا تخص أحدا منا.قد يقول قائل بل قال القائلون كثيرا إن زمن الحرب مع إسرائيل قد ولى، وإنها أصبحت قوة عسكرية كبرى في المنطقة، وأن حدودها محمية مع الجيران العرب،، وهذا كلام صحيح، ولكن كيف هو رأيكم بصدور وأيد عارية للمقدسيين وأبناء الخليل الذين هبّوا واشتروا بيوتا ومحلات تجارية في القدس وسكنوا فيها، كيف لهم أن يتصدوا وحدهم وهم عزلا ولا حول لهم إلا حول الله وإيمانهم، فنراهم كيف يطردون أولئك المتطرفين الهمج، بينما لا تستطيع أي حكومة عربية قريبة أو بعيدة أن ترفع صوتها لتهدد إسرائيل.أمس هدد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي "ايتسحاق أهاروفيتش" بإغلاق المسجد الأقصى، ومنع المسلمين من دخوله بدعوى تكرار أعمال الشغب التي يقوم بها العرب، متهما المرابطين في المسجد بأنهم استعانوا بشبان من حركة حماس، وقد قامت قوات من جيش الاحتلال بالفعل باقتحام المسجد بحثا عما أسمتهم "مخربين" يحاولون صنع قنابل مولوتوف، فيما قرر نائب رئيس الكنيست "موشيه فيغلين" اليميني المتطرف أن يقود مجموعات الصهاينة لغزو المسجد وطرد المصلين، وإقامة شعائر الاحتفال بعيد "العرش" أو المظلة بالترجمة العربية، أو "السوكوت" باللغة العبرانية، أو العهر السياسي والذل القومي والتخلي الديني بلغة الحكومات العربية المعنية.لا يمكن أبدا القبول بحالة الفصام السياسي التي أصابت الخطاب العربي، فرأينا كم هي السرعة التي هرولت بلادنا العربية فيها إلى الانضمام للتحالف المضاد لتنظيم داعش، وقبلها الأحلاف الخفية ضد الحرب الإرهابية الإسرائيلية ضد غزة وأهلها، فيما لم نسمع سوى بضع كليمات تصدر عن مسؤول وزاري هنا أو هناك تندد أو تشجب وتستنكر الأعمال الفعلية البربرية لليهود المتطرفين وسلطات الاحتلال، وبخجل ودبلوماسية تسير على حافة الخيط خشية السقوط في المحذور الذي يجرح كبرياء الدولة المحتلة، فيما تم تطويع الشعوب على قبول المشاهد الإجرامية الصهيونية، وكأنها مشهد لمسلسل تركي كتلك التي حصدت أعين عشرات ملايين العرب، أو مباريات كرة قدم للدوري الإسباني الشهير على الدول العربية أن تعيد توجيه بوصلتها نحو الحقيقة، إن الخطر الأكبر حتى اليوم هو الاحتلال الإسرائيلي المقيت، لا يمكن القبول أبدا بالصمت على ما يجري في فلسطين، فوجود ذلك الكيان المقيت هو أحد أهم أسباب النزوع للتطرف في العالم الإسلامي، وهو نتيجة طبيعية لردود الفعل الباردة لحكوماتنا على جرائم الاحتلال، لذلك يعتبر غالبية العرب والمسلمين في العالم أن أي دولة تدعم إسرائيل هي عدو بالمعية، فيما إسرائيل ستحتفل بعيد العرش خميس هذا الأسبوع وهي مطمئنة على عرشها الذي أطاح بعروش العرب التليدة.