31 أكتوبر 2025
تسجيلما أصعب أن تقطع زهرة من شجرتها، زهرة يانعة سقتها مياه، مزجت بالحب والرعاية وطول السهر والاهتمام منذ أن كانت نبتة صغيرة ومن برعم حتى استوت وصارت تلك الزهرة النضرة، ولكن قطعت تلك الزهرة لتوضع في آنية من الذهب المليئة بنفس المياه وإن زادتها مياه أخرى ملأتها حباً ورعاية، فهنا لا يمكن أن نتألم لقطعها بل نفرح لها، ونأمل أن تتواصل نضارتها طوال حياتها. لقد ظل البستاني يرعى الشجرة التي تحمل تلك الزهرة واخوتها سنوات فاقت العشرين عاماً، في أرض معطاء خصبة، تستقبل المياه المليئة بالحب، فتزيد من رونقها ونضارتها، وتملأ أشجارها زهورا ورياحين، واستمرت الشجرة تعطي زهرة ومن ثم أخرى وتتبعها الزهرة الأخيرة التي كادت في بداية حياتها، ولحظة تفتحها من البرعم أن يقضى عليها بهبة عاصفة قوية هزت تلك الشجرة، وكادت أن تطيح بالزهرة الصغيرة ولكن مشيئة الله عز وجل كانت فوق كل شيء، فأنقذها الله تعالى، واستمرت في بروزها ونضارتها وإشراقتها تستقبل الشمس يومياً، وترتوي بالمياه المحبة في كل لحظة حتى حان قطافها وانتقالها لآنية تحفظها من العواصف والرمال. لقد قطفت قبلها زهرتان وضعتا في نفس الآنية التي والحمد لله حفظتهما، بل ساعدتهما بفضل الله تعالى أن ينبت لهما برعمان صغيران تزهو بها الآنية. ورغم قطف تلك الزهور وابتعادها عن الشجرة الأم والأب إلا أن تلك الشجرة لم تتوقف عن الرعاية والاهتمام فتواصل كل ذلك في سنوات حياتها. إن الحمد لله تعالى أن استطاعت تلك الشجرة التي زرعت في تلك الأرض أن تثمر تلك الزهرات الثلاث في سنوات متتالية، ورغم أن هذا قد عمل على زيادة الجهد والرعاية إلا أنه بفضل الله استطاعت الشجرة تحمل كل ذلك، واليوم تخلو الشجرة من أزهارها التي قطفت ولكن بعناية وحب، ورغم ألمها وإحساسها بالوحدة إلا أنها سعيدة أنها قد انتقلت أزهارها إلى مكان آمن، حتمت عليها سنة الحياة ذلك ولا يمكن أن يمنع ذلك، وإن ظلت الزهور على الشجرة، فقد تذوي وتتساقط أوراقها الملونة. ولكن تؤمن الشجرة أن أزهارها وبراعمها سوف تتواصل معها، وتجتمع وتلتقي في أجمل اللقاءات وتتصاعد الضحكات وقت اللقاء وتمتزج مع صراخ البراعم ولعبها مع بعضها البعض في تناغم جميل رائع لا تؤلم قطف الزهور من مكانها في الشجرة. ونأمل أن تقطف زهرة كل الأشجار وتنتقل لأوان ذهبية تتواصل فيها في النمو والعطاء، لتزدهر الحياة وتشرق، فليس كل قطف للزهرة ألماً، بل إنه ألم محبب.