15 سبتمبر 2025

تسجيل

جيــــل هــــاي وبـــاي !

14 سبتمبر 2022

أعلم بأن أغلب أولياء الأمور في مجتمعنا يودون أن يحصل أطفالهم على لغة ثانية وتحديدا اللغة الإنجليزية بجانب اللغة الأم وهي العربية، ولذا يحرصون على التحاق هؤلاء الأطفال بمدارس خاصة متطورة تتبع على الأغلب في مناهجها المنهج البريطاني أو المنهج الأمريكي، بحيث تكون الدراسة باللغة الإنجليزية البحتة فينمو الطفل منذ نعومة أظافره على تعلم الإنجليزية بحيث يكبر فيصبح لسانه متمرسا ومعتادا على التحدث حتى على نطاق الأسرة والبيت وزيارات الأقارب باللغة الإنجليزية ولا أخفيكم فهذا يحدث حتى مع أقرب الناس لي وهم أبناء شقيقتي الذين دخلوا مدارس تتبع المنهج البريطاني منذ مرحلة الروضة وحتى وصول أكبرهم للصف السادس، وهذا في نظري مصيبة لأن كل ما يجري هو إجهاض متعمد للغة العربية وهي اللغة الأم والأساسية لنا كعرب أولا ومسلمين نعتز بلغة القرآن الكريم الذي أنزله الله بلسان عربي فصيح، وكانت أولى آياته وكلماته هي (اقرأ) بأحرف أربعة عربية الكتابة والنطق والفهم، ولذا فإن حرص الآباء والأمهات على أن يتعلم أولادهم اللغة الإنجليزية هو أمر محمود خصوصا أن العالم كله بات في حاجة لتعلم هذه اللغة الحيوية والأساسية للتفاهم على النطاق العالمي بأسره ولكن – ولابد لحرف الاستدراك هذا أن يحشر نفسه في هذا الموضع – لا يمكن أن يكون على حساب اللغة العربية الأساسية التي نولد بها ويتم تعلمها وتلقينها من الوالدين منذ أن يبدأ الرضيع في التعرف على من حوله وما حوله فيبدأ بالتتمتم بكلمات مفهومة وأخرى غير مفهومة لكنها تحمل الطابع العربي لأنه يعيش بين اسرة عربية من المفترض أن تتحدث العربية بطلاقة وتلقنها لطفلها قبل أن تفكر بتلقينه لغة اخرى أساسية أيضا لكن أن تغلب الثانية على الأولى فهذا للأسف ما بات غالبا ودارجا بين كثير من العوائل الذين لا يجدون حرجا من أن يحدثوا أطفالهم بالإنجليزية في البيت وخارج البيت، ويعتبرون هذا حداثة وتطورا ولو طلبت من الطفل أن يقول أو يكتب اسمه باللغة العربية لوقف يتأملك مشدوها وكأنك تتحدث لغة غريبة عنه وهو بالطبع لا يلام في هذا لأنها مسؤولية الأهل الذين يكون جل اهتمامهم للأسف أن يكبر أطفالهم وهم متمكنون تماما من اللغة الإنجليزية نطقا وكتابة ثم تأتي العربية ثانية إما في حصص صورية للغة العربية والشرعية والتي لا تكون حصصا متمكنة مما تقدمه خصوصا في المدارس الخاصة التي تتبع المناهج البريطانية أو الأمريكية أو الغربية عموما التي لا تعطي اهتماما كافيا بتعليم اللغة العربية على أصولها أو تمكين الشريعة في نفوس الطلاب كما يجب، وهو أمر لا يجب أن تُحاسب عليه المدرسة ولكنهم أولياء الأمور الذين لا يوازنون بين ضرورة تمكين أطفالهم من اللغة الإنجليزية وبين تمكنهم في المقابل من اللغة العربية تحدثا وكتابة والتمييز في المواطن والأوقات التي يتكلمون فيها بإحدى اللغتين وعدم تغليب الإنجليزية على العربية بأي شكل من الأشكال لأننا في الأول والأخير عرب نعتز بلغتنا التي يجب أن نورثها لأطفالنا جيلا بعد آخر، ويجب أن تكون اللغة العربية أولا ثم تأتي الإنجليزية شأنها في هذا شأن أي لغة وطنية أولى في أي بلد يرى أن لغته الأم تأتي في المرتبة الأولى ثم يأتي بعدها البقية، فنحن لغة أساسية وليست مكتسبة ولكن للأسف بات أغلبنا يرى في اللغة العربية لغة ثانوية بينما يتفاخر بأن طفله يتحدث ويعيش ويلعب وينام ويصحو على لغة الإنجليز غير مبالين أن عدم الاهتمام بتعليم هؤلاء الصغار لغة القرآن إنما هو جريمة في حق قراءة القرآن الكريم وتدبره والغوص في بحر اللغة العربية الأصيلة والتعايش في مجتمع لا نريده أن ينسلخ من هويته العربية من خلال استبدال ألسنة أطفاله العربية بأخرى تقول هاي و.. باي !.