26 أكتوبر 2025
تسجيلعلى خطى تنبؤات جولدا مائير فيما يخص العلاقات العربية الإسرائيلية الكاملة، يسير الخليجيون والعرب نحو التطبيع الكامل مع الكيان الإسرائيلي أو لأقل دولة إسرائيل بما أننا بتنا نبحث عن (دولة) لفلسطين من باب حل الدولتين على أرض فلسطين التي لا أدري أيضاً إن كان وصف كلمة (المحتلة) لا يزال مكملاً لها أم أن هذا أيضاً أصبح معادياً لما سيكون عليه الخليج تحديداً بعد أن أعلنت كل من الإمارات والبحرين تطبيعهما الكامل مع إسرائيل وترحيب الأوساط السياسية والإعلامية والبرلمانية في العاصمتين بهذه الخطوة التي وصفتها بأنها تسعى لاستقرار المنطقة. وكما صاغت أبوظبي أعذارها في أن خطوتها هذه كانت لأجل وقف الاستيطان في الضفة الغربية وذلك في تصريحات مرتبة، وهذا ما نفاه نتنياهو جملة وتفصيلاً، فإن مملكة البحرين ساقت نفس الأعذار لتبرير تطبيعها الذي جاء الإعلان عنه على لسان الرئيس الأمريكي الذي غرد بأن التطبيع البحريني الإسرائيلي جاء بعد مكالمة هاتفية له مع عاهل البحرين، في حين عبر نتنياهو عن فرحته بأن ما كان يقوله ويرمي له في الماضي في أن علاقات خفية قوية تجمع بين (دولته) ودول خليجية سيكشف عنها الستار لاحقاً، أضحى اليوم واقعاً وعلى رؤوس الأشهاد واليوم يُحتفى بهذه العلاقات في البيت الأبيض وبحضور مهندس التطبيع الخليجي الإسرائيلي الرئيس الأمريكي وعرّاب العلاقات جاريد كوشنر لكن بحضور وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد وليس ولي عهد أبوظبي، الذي يبدو أنه أشد جبناً من أن يخطو خارج دولته الكرتونية إلى بلاط البيت الأبيض خشية تنفيذ أحكام بالإحضار إلى قاعات محاكم أمريكية بعد دعاوى قضائية ضده ستجعله ماثلاً بنفسه فيما لو تهور وحضر هذا الاحتفال الذي سيعقد اليوم الثالث عشر من سبتمبر في واشنطن لحظة كتابة هذا المقال وليس تاريخ نشره والأمر نفسه على حاكم دبي ولي عهد الإمارات!. السؤال الآن من التالي؟! نعم من التالي؟! فعلى ما يبدو أننا على مفترق طرق سياسي خطير في المنطقة، وهذا المفترق من شأنه أن يحدث زلزلة في التكوين السياسي والفكري للمنطقة الخليجية والعربية الذي ولد على مفهوم أن إسرائيل كيان غاصب مزروع في قلب الأمة العربية، وأن فلسطين دولة محتلة لم تنل استقلالها بعد وعد بلفور البريطاني الذي جلب اليهود من شتى أصقاع الأرض وأوجد لهم وطناً في داخل منطقة الشام ومضوا يستوطنون ويرتكبون جرائمهم وتصفيتهم الدموية لشعب فلسطين الأصلي ونحن نقف جانباً نستنكر حيناً وندين أحياناً أخرى ثم نعود لنشجب ونرفض ونطالب ثم نصمت وهكذا لكن كانت الصيغة العربية واحدة وإن تكررت، لأن مفهوم (فلسطين المحتلة) كان ماثلاً أمامنا ونقرأه في كل كتاب وجريدة ونسمعه على موجة كل إذاعة عربية، ونشاهده في كل قناة تلفزيونية ولم يكن أبداً يمثل لنا التطبيع هاجساً نتخوف منه، لأن ثبات الفكر في عداء إسرائيل كان يمنعنا من أن نقفز بتخيلاتنا إلى الواقع الذي بتنا نعيش فيه اليوم وهو أنه فعلاً بات بيننا من يمد يد الحب والصداقة لإسرائيل بكل المجالات، وأن القافلة لا تسير فرادى وستشهد الأيام القادمة ما هو يمكن أن يمثل لنا صدمة أكبر ربما ليس في الدولة المطبعة ولكن في أن ما همز به الإسرائيليون ولمزوا طوال الفترات الماضية يتحقق الآن فصلاً فصلاً ودون أي مشاهد حذف أو تدخل لرقابة ما تمنع عنا أن نشاهد ما تربينا عليه صغاراً في أن فلسطين بلادنا وقضية العرب الأولى وأن إسرائيل كيان مغتصب ليصبح المشهد اليوم هو البحث عن دولة لفلسطين، بينما التطبيع هو مع دولة إسرائيل التي عاصمتها القدس الشريفة فهل كانت كتب التاريخ كاذبة أم أن تربيتنا كانت مبنية على مفاهيم مغلوطة، أم أن أهالينا كانوا يرون في هذه التربية فخراً لا يدعونه فكبرنا فأصبح هذا الفخر تهمة تدينها الجامعة العربية؟! فاللهم سلم.. سلم. @[email protected] @ebtesam777