13 سبتمبر 2025
تسجيلهناك فرق بين الخوف والقلق. الخوف يعني أن هناك ثمة شيئا تخاف منه. أما القلق فليس بالضرورة أن تعرف مصدره أنت تشعر به لكن لا تستطيع تمييز مصدره. إلا أن الاشكالية في الخوف الوجودي والقلق الوجودي، لماذا الوجود هنا، لأنه يرتبط بالإيمان، إذا كنت تشعر بالخوف وجودياً فهناك مشكلة في إيمانك لأنه يفترض أن يبدد كل خوف يلازم الوجود الخاص بالإنسان المؤمن، بينما القلق قد يتسرب إلى نفس المؤمن وقد يكون إيجابياً لينتقل معه إلى درجة أكبر وأعظم من اليقين أو قد يتراجع نحو الشك ويبدأ في البحث والتنقيب في درجة إيمانه، وهي حالة إيجابية مقارنة بالخوف الوجودي الذي إذا سيطر على المؤمن فقد تتآكل بنية الإيمان لديه. القلق الوجودي له علاقة بمراتب الوجود نفسه، التي تبدأ من الحواس إلى العقل إلى الروح إلى الارتقاء، بينما الخوف الوجودي كما أشرت له علاقة ببنية الوجود والحياة، فليس هناك مراتب في هذه البنية أما إيمان أو خوف. فأنا أعجب من مؤمن خائف على مستقبله، لكنني لا أعجب من مؤمن قلق على مستقبله؟ لانتفاء وجود العلاقة كما ذكرت بين الإيمان والخوف من جهة، وتسلسل العلاقة بين الإيمان والقلق، هناك من بدأ شاكاً وانتهى مؤمناً، وهناك من بدأ مؤمناً وانتهى شاكاً، الأول بدأ بالقلق لينتهي بالإيمان، والآخر بدأ بالخوف إيمانياً لينتهي شاكاً وجودياً. الخوف ليس مصدراً للوجود بأي شكل من الأشكال، فالإيمان أحد مصادر العلاقة مع الوجود وأعني الإيمان بدين معين، أو بفلسفة معينة، فالفلسفات الوجودية بشقيها الإلحادي والإيماني جاءت لتفسير التعامل مع الخوف الوجودي والقلق الوجودي كذلك، يرى هايدغر مثلاً أننا أتينا إلى الحياة لنموت، الأمر الذي يجعل من القلق عاملاً ايجابياً للبقاء، أنا دائماً قلق على حياتي ولا أعرف متى سأموت لذلك علي أن أعمل منها قيمة وجودية ووجوداً أصيلاً لا وجوداً زائفاً أو التحاقاً بوجود الآخرين، بينما جاء فيلسوف وجودي مؤمن هو جابرييل مارسيل ليؤكد أن مرتبة الوجود الكبرى هي الوقوف أمام عتبة الله، والتواضع أمام تجليه وعظمته فأنت تعيش قلقاً إيجابياً حتى تصل إلى هذه المرحلة والنهاية... فلا يصح لك أن تخاف وجودياً وأنت مؤمن، ولكن لك كل الحق أن تقلق على وجودك وأن ترتقي درجات في سلم هذا القلق.