29 أكتوبر 2025

تسجيل

تجربة مركز الإخلاص بكارديف

14 أغسطس 2022

مدينة كارديف عاصمة دولة ويلز، والتي هي إحدى البلدان الأربعة التي يشكل مجموعها المملكة المتحدة، أو ما تسمى أيضا ببريطانيا العظمى، وكارديف مدينة جميلة وهادئة تقع في الجنوب الغربي للمملكة المتحدة، ويحد المدينة من الجنوب البحر الكلتي وهو امتداد من المحيط الأطلسي. وبعد هذه النبذة الموجزة عن مدينة كارديف والتي قضيت فيها حوالي الخمس سنوات خلال فترة دراستي لنيل درجة الدكتوراه، تعرفت هناك على مجموعة من الشباب المسلم من الجنسيات المختلفة يقطنون في هذه المدينة، ودعوني انقل لكم تجربتهم المميزة في مجال الدعوة والحفاظ على الهوية الإسلامية. ففي عام 2012 قام هؤلاء الشباب بتأسيس مركز إسلامي صغير أطلقوا عليه مركز الإخلاص، يهدفون من خلاله لسد حاجة الجالية المسلمة بمدينة كارديف في إنشاء مركز ثقافي إسلامي متكامل يجمع ما بين دار عبادة لأداء الصلوات، ومركز إسلامي يقدم للمسلم وغير المسلم سماحة الدين الإسلامي وإبراز الوجه الحقيقي للعمل الدعوي الإسلامي بعيداً عن الاختلافات والتوجهات السياسة. فالمركز يتبنى فكر الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فقط ولا يتبنى أي فكر سياسي أو حزبي، وإنما يتبنى منهاجا معتدلا وسطيا يقوم على الكتاب والسنة النبوية. ولعل هذا الأمر ليس حصرا على مركز الإخلاص بكارديف، فهناك عدة مراكز مماثلة في بريطانيا والدول الغربية تقوم بهذه الجهود للحفاظ على هويتها الإسلامية والحرص على أبنائهم وحفظهم من الانحدار إلى هاوية المغريات المنتشرة في مثل تلك الدول، ولكن ما هو المميز في مركز الإخلاص بكارديف مما حدا بي للكتابة عنه؟. لن أطيل عليك أخي القارئ وسأدخل في صلب الموضوع، فما يميز مركز الإخلاص بكارديف عن غيره من المراكز الإسلامية في بريطانيا، هو تجربة أو لنقل أسلوب رائع للدعوة الحقة لله، وذلك من خلال جهود شباب المركز بإنشاء برنامج إغاثي لمساعدة اللاجئين القادمين من خارج بريطانيا إلى مدينة كارديف، وكذلك ذوي الدخل المحدود والمشردين ومساعدة طالبي المساعدات من أبناء المسلمين وغيرهم، وذلك لتخفيف الضغط على الفقراء والمحتاجين خصوصا وأن المنطقة التي أقيم فيها المركز مكتظة بمؤسسات الإيواء للمشردين ومراكز اللجوء التي بها كثير من العرب والمسلمين، كما يوجد دور لذوي الاحتياجات الخاصة ورعاية كبار السن والذين عكف المركز على تقديم المساعدات لهم بما تيسر لكل من يقصده من المحتاجين من المسلمين وغير المسلمين. وقد برز دور شباب مركز الإخلاص خلال جائحة كورونا عندما تقطعت السبل بالكثير من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، الذين كانوا يعيشون بمفردهم، فقد كان للمركز دور كبير في زيارة هؤلاء وقضاء احتياجاتهم الضرورية من مطعم ومشرب وعلاج بالإمكانيات القليلة التي كانت متوافرة لديهم، ولكنها كانت ذات أثر كبير في قلوب هؤلاء المحتاجين الذين والحمد لله قد دخل بعضهم إلى الإسلام من خلال تأثرهم بأخلاق هؤلاء الشباب في التعريف بسماحة هذا الدين. ويذكر لي الإخوان في المركز قصة تلك العجوز التي بلغت من العمر اكثر من ثمانين سنة، وكانت تعاني من أمراض الشيخوخة المختلفة، ولقد لجأ لهم أحد أقرباء هذه العجوز طالباً منهم إمكانية مساعدتها والاعتناء بها في فترة تفشي وباء كورونا وصعوبة التنقل، فقامت مجموعة من الشباب بتنظيم زيارات منزلية للاعتناء بهذه السيدة العجوز، والتي تأثرت بسماحة الدين الحنيف فاعتنقت الإسلام وتوفها الله في رحمته بعد فترة قصيرة من هداية قلبها للإسلام فكانت بحق حسن خاتمة لها. وقد ذاع صيت المركز في أعماله الخيرية والإنسانية خلال فترة الجائحة، فحرص الكثير على زيارة المركز ودعمه معنويا، ومن هؤلاء رئيس حكومة دولة ويلز وعدد كبير من الأعضاء بحكومة الدولة وآخرون من البرلمان، ورئيس وأعضاء مجلس بلدية كارديف والأندية الرياضية كنادي كارديف سيتي الشهير، ونادي ويلز للركبي وكثير من المؤسسات التجارية والمؤسسات الخيرية، فالكل أشاد بالمركز وما يقدمه من أعمال خيرية للمجتمع في مدينة كارديف وضواحيها، وقد توج جهود شباب مركز الإخلاص بتلقيهم ثلاث دعوات من القصر الملكي لزيارة الملكة البريطانية فما يسمى حفلة الحديقة الملكية. وختاما أقول: يقول الله تبارك وتعالى في الآية 110 من سورة البقرة (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).