08 أكتوبر 2025

تسجيل

آيا صوفيا تَرجُمُ المنافقين

14 يوليو 2020

أثار قرار المحكمة الإدارية العليا التركية إبطال القرار الصادر في نوفمبر 1934 بتحويل آيا صوفيا إلى متحف وإعادته إلى حاله كجامع كما هو حاله طيلة ما يُقارب الخمسة قرون، أثار هذا القرار غضب واستهجان الدول الأوروبية وروسيا وأمريكا وغيرها من القوى التي تكالبت على الأمة الإسلامية ودقّت آخر مسمار في نعش عزتها ووحدتها عندما أطاحت بالدولة العثمانية عقب نهاية الحرب العالمية الأولى، ومن بعدها تحولت عاصمة الخلافة الإسلامية إسطنبول إلى نظام علماني يتحكم في مفاصله العسكر ويطمسون بسلطتهم وبالدستور الذي صنعه أتاتورك ورفاقه كل صور وملامح الدين ومبادئه ظناً منهم أنهم يستطيعون أن ينزعوه من صدور أهلها ومن لا يزال يعيش على ذكرى سلاطينهم الذين جاسوا في الديار وقهروا سلاطين النصارى وملأوا الأرض إيماناً وعدلاً وسلاماً. قرار تحويل آيا صوفيا لمسجد أظهر الحقد الدفين في قلوب أذناب هذه الأمة ممن يوالون النصارى والكفار ويكيدون للإسلام والمسلمين ويستصغرون قرار تحويله من متحف إلى مسجد، بل ويدّعون بأن هذا القرار من شأنه أن يجر الويلات ويخلق العداء بين المسلمين والنصارى، وهذا لعمري هو الذلة والهوان اللذان أصبحا ملازمين لهذه الأمة، ويختلقون لها الأعذار لرغبات في نفوس طواغيتهم الذين أرضعوهم من ثدي الثبور والمسكنة والضعف حتى ينالوا رضا أسيادهم في الغرب والشمال والشرق!. ومن اللافت للانتباه أن نفس الدول التي تُعادي تركيا وتتقاطع أهدافها مع أهداف الدول الأوروبية المعادية لتركيا ولديها عداء وحسابات قديمة مع الدولة العثمانية بعد فتحها للقسطنطينية وما تبعها من فتوحات دكّت حصون ممالك وعروش أوروبا، هذه الدول هي نفسها التي دعمت الانقلاب في تركيا عام 2016 وهي التي حاربت العملة التركية وهي التي ما زالت تشن الحملات المغرضة ضد تركيا وكل من يحالفها، فمحور الشر الذي تقوده الإمارات والسعودية ومصر وتوابعهم من الدول التي ترتهن بقراراتهم تقف صفاً بصف مع كل الدول التي عارضت قرار تحويل آيا صوفيا لمسجد لأنهم وكلاء النصارى والكفار وورقة الضغط التي يظنون أنها ستُحيد تركيا عن ثوابتها ومبادئها لاسيما إن كانت تأتي برغبة شعبية لا تمارس ضدها القوة والتزوير كما هو حالها في بلدان عربية تتعامل مع شعوبها كعبيد!. وللعاقل الكيّس الفطن أن يتساءل ما الذي جعل هذه الأنظمة العربية يجن جنونها وتخرج عن طورها بمعارضة هذا القرار التركي الذي جاء بإجماع شعبي منقطع النظير؟! هل جاء فقط لأن تركيا أثبتت خلال السنوات الماضية ثقلها السياسي والعسكري كدولة إسلامية تقف ضد المشاريع التي تقوّض من وضعها في المنطقة بعد أن باعت الدول العربية التي كان يُنظر إليها أن تقود الأمة كالسعودية ومصر ووصول الحال بها أن أصبحت مُنقادة من دولة مارقة كالإمارات أثبتت تحالفها مع الكيان الصهيوني وأنها مصدر التآمر والعدوان على ثوابت ومبادئ هذه الأمة؟!. وإذا قلنا من باب عدم استفزاز المشاعر الدينية وخلق عداءات كما يدّعون في حالة آيا صوفيا فأين هم من عشرات الجوامع التي حوّلها الإسبان لكنائس في غرناطة وقرطبة وطليطلة وأشبيلية؟! لماذا لا تحركهم مشاعرهم "المرهفة" في المطالبة بإعادة هذه المساجد بعد أن حولها الإسبان بالدم لكنائس ونكّلوا بالمسلمين وأقاموا محاكم التفتيش التي يندى لها الجبين الإنساني، بعكس ما فعله السلطان محمد الفاتح الذي تؤكد الوثائق أنه اشترى آيا صوفيا من ماله الخاص بعقد رسمي من الرهبان (العقد معروض في دار الوثائق والحجج التركية في أنقرة)، واشترطوا عليه في العقد ألا يُزيل الأيقونات المسيحية أو يكسر الصلبان وهو ما فعله السلطان ومن جاؤوا من بعده لمدة 482 عاماً، أليس هذا هو قمة التسامح والعدل بعكس ما حدث للمسلمين في الأندلس وغيرها من الممالك الإسلامية التي عادت لنصرانيتها أو بوذيتها؟!. فاصلة أخيرة أكثر من يعارض عودة آيا صوفيا كمسجد هم أصحاب مذهب طاعة ولي الأمر وهم أنفسهم الذين يؤيدون حفتر ويحاربون معه الآن ويقفون ضد تقرير مصير الشعوب، وشمّاعتهم المعروفة التي يبررون بها أفعالهم المشينة أنهم يحاربون فكر "الإخوان" هم من قال كبيرهم عن حصار قطر: "إن فيه مصلحة للمسلمين"!!. [email protected]