23 سبتمبر 2025

تسجيل

لغة القرآن .... وعاديات الزمان

14 يوليو 2019

حين نتحدث عن اللغة العربية ونحرص على ضرورة الاهتمام بها فهي لغة القرآن التي أنزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن تكون لغة المخاطبة التي نتحدث بها كشعوب عربية ، في قوله تعالى :" إنَّا أنزلَناه قُرآناً عربياً لعلّكم تعقلون " وحين ندافع عنها من مبدأ المحافظة عليها ، إنما ندافع عنها كهوية لغوية عربية  تتميز عن اللغات الأخرى بجمالها وإيقاعها ونحوها وبديعها وصرفها التي تجسدها الآيات القرآنية في كتاب الله ، وحين نتألم لضياعها إنما نتألم لضياع هويتنا، اليوم وضعت  لغتنا في مجهر التطوير والتحديث اللذين أصابا واقعنا في السلوك والأخلاق والقيم ، فامتزجت بحروف وكلمات أجنبية شوّهت جمالها ، و رككت ألفاظها ، وهزلت كيانها ، نرى إعلانات ولافتات وأسماء في الشوارع والمحلات التجارية بكلمات أعجمية اللفظ مابين العربية والأجنبية بلا هوية يصعب فهمها وقراءتها ومعناها ، لاتختلف عن الركاكة والهشاشة اللتان لمستا اللغة العربية في مدارسنا المستقلة وجامعتنا الوطنية " جامعة قطر " حين نسفت نسفا لإحلال اللغة الإنجليزية كمادة أساسية في  أغلب مناهجها مع بداية تشغيلها لمسايرة المتغيرات التطويرية والمستحدثة خاصة التكنولوجية ، فضاعت لغة الضاد بين أفكار وعقول تعتقد أن عجلة التطوير والتغيير لم تتحقق إلا بالانسلاخ والإحلال عن الهوية العربية لذلك لم نستنكر التأتأة والأخطاء والركاكة والأعجمية التي شاعت بين أبنائنا واتخذت موقعها معهم في واقعهم العملي والوظيفي. وفي مواقعهم الإلكترونية . وشبكات التواصل المجتمعي ، ولا نستنكر حين لم تعرف الأجيال قراءة وفهم آيات القرآن لأنهم لم يدركوا قراءة لغة الضاد التي نُزل بها.  لذلك فإن صدور  قانون حماية اللغة العربية رقم ( 7 ) 2019 يعد حصناً منيعا للحفاظ على اللغة العربية وحمايتها من العجمة والانحراف والتشويه ، وما صُدر  إلاّ لدوافع ملموسة، مع التغيير في التركيبة السكانية باختلاف لغاتها التي شهدتها الدولة ، واختلال الميزان الديموغرافي لصالح العمالة الأجنبية، ولكن أين ذلك القانون من تطبيقه في الواقع !! فقد ورد في منصات الأجهزة التواصلية إعلانات استنكرها الجميع صادرة من هيئة السياحة بخصوص مهرجان الصيف وتم وضعها على الامتداد الطولي لكورنيش الدوحة ( SUMMER.IN QATAR )  لتكون واضحة مقروءة أمام الجميع ، بهدف المشاركة ،  هناك من يفهم اللغة وهناك من لا يفهمها ، كنّا نعتقد أن هناك ما يقابلها باللغة العربية  ،وسبق ذلك الخطوط القطرية الجوية التي تتخذ اللغة الإنجليزية في أغلب الأوقات منهجها في التخاطب مع المسافرين على  متنها ، إدارة واحدة وتوجَّه واحد !!  كما هي بعض المخاطبات والكتابات لبعض المؤسسات والوزارات كوزارة الصحة في تقاريرها نموذج ، كما هي أسماء المحلات والمطاعم وغيرها ، ويبقى السؤال بعد إصدار القرار الأميري لحماية اللغة ، أليس القرار يتطلب   متابعة وحزما من الجهات المسؤولة للتأكد من تطبيقه . !!  ومعاقبة من يتجاوزه فالمادة رقم ( 1) تنص على التزام جميع الجهات الحكومية وغير الحكومية بحماية  ودعم اللغة العربية في كافة الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها ، كما تنص المادة (2) بالتزام الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة باستعمال اللغة العربية في برامج ومنشورات وإعلانات مرئية أو مسموعة أو مقروءة ، الواقع يقول إن هيئة السياحة في إعلاناتها لم تلتزم بنص القرار وتطبيقه، وخرجت بإعلانات مدونة باللغة الإنجليزية للترويج عن المناشط والمهرجانات الصيفية وكأنها تخاطب فئة معينة ، والقطرية أغلب محادثاتها باللغة الإنجليزية وباستحياء قليل باللغة العربية ، دون مراعاة للمسافرين الذين لا يتقنون اللغة الإنجليزية ودون احترام لوطنيتها ، فأين التقدير للقرار ولأبجديات لغة الضاد !! أين الإدارة الواعية التي تدرك قيمة لغة القرآن وتُجاري لغة المجتمع وهوية المجتمع " أم أنها مجاراة ومجاملات للجاليات الأجنبية التي ازدادت بشكل غير طبيعي و لا تتقن إلا اللغة الإنجليزية ، ناهيك عن الاجتماعات التي تعقد في بعض المؤسسات والهيئات كمتحف قطر ومستشفى حمد والوسيل والتي لا تدار إلا باللغة الإنجليزية ، ولكن إلى متى ونحن نعاني من تدفق غير مسبوق من الجاليات بلغات مختلفة ومعهم نعاني من مجاملات باستخدام لغاتهم على حساب لغتنا العربية دون اعتبار لمشروع قانون حماية اللغة العربية ، وبجهود الدولة فيما تنظمه من مؤتمرات وورش وندوات ومناشط لترسيخ واستعادة ثبات وقوة اللغة العربية آخرها إطلاق البوابة الإلكترونية لمعجم الدوحة التاريخي للغة العربية ، لقد ضيّعنا هويتنا بضياعنا للغتنا ، ثم نتباكى على اللبن المسكوب الذي سكبناه بأيدينا وفكرنا ألا ندرك أن أكبر استعمار لحق بفكرنا طمس هويتنا الدينية ولغتنا العربية !! ألا ندرك أن الدول المتحضرة من أسباب نهضتها وحضارتها حفاظها وتمسكها باللغة الأم كما هي اليابان ، التي تعتبر المصدر الأول في العالم في التقدم التكنولوجي والصناعي . فتعلم اللغة الأجنبية والتحدث بها واستخدامها مطلب يفرضه التمازج والاحتكاك بالثقافات الأخرى والتعامل معها في الداخل والخارج  ، ولكن تبقى الأولوية والأحقية  للغة الأم "العربية " التي هي الوطن الآخر للإنسان وصدق ما قاله الدكتور محمود السيد في تغريدة له "إذا فقد أيّ شعب لغته الأم ، فإنّ ذلك سوف يؤدي إلى طمس ذاتيته الثقافية ، وفقدانه هويته المميّزة ،لأن اللغة جنسية من لا جنسية له ،إنها وطن ، ومن فقد لغته فقد وطنه ." لذلك لابد من المتابعة والتشديد على استخدامها للحفاظ عليها وترسيخها للأجيال القادمة .