13 أكتوبر 2025
تسجيل"العلاقات القطرية الأمريكية أقوى بعد الحصار".. ربما كان هذا هو العنوان الأبرز الذي تصدر الصحف القطرية وهي تتأهب لتغطية القمة القطرية الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي بين الزعيمين القطري تميم بن حمد آل ثاني والأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض بالعاصمة الأمريكية واشنطن وسط اهتمام إعلامي عالمي بهذه الزيارة التي تأتي وسط عجز السعودية والإمارات عن تحقيق مآربهما الشيطانية من الحصار الجائر على قطر ومن محاولات كثيرة لإرباك العلاقات الثنائية بين قطر والولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما حدث فعلا في اليوم التالي لإعلان الحصار حينما صرح ترامب تصريحاً مبهماً ضد دول الخليج ومنها قطر وعلاقتها بتمويل الإرهاب لكنه تراجع فوراً عن هذا التصريح ليعيد الأمور لنصابها الصحيح في اليوم الثالث واصفا الدوحة بأنها شريك إستراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه، ومشيداً بالتعاون القطري في القضاء على الإرهاب وقطع سبل تمويله بل إن هذا التصريح الصريح بعمق العلاقات مع أمريكا أعقبه الكثير من الاتفاقيات المشتركة، بالإضافة لتدريبات ومناورات عسكرية أطاحت بأحلام دول الحصار إلى حضيض لا قاع له !. فلماذا كانت هذه العلاقات أقوى بعد الحصار رغم أن أمريكا وترامب على وجه التحديد رأى في الرياض (البقرة الحلوب) التي لا ينفد حليبها ولطالما كانت تصريحاته وحتى فترة قريبة تؤكد أن السعودية تحتاج إلى أمريكا دائما ولولاها لكانت الرياض وباقي مدن السعودية تتكلم (الفارسية) في خلال أسبوع واحد ولذا وجب عليهم أن يدفعوا لأمريكا حاميتهم ويدفعوا ويدفعوا باعتبار بلادهم دولة غنية وهم لا يستحقون أن يتمتعوا بمفردهم بهذه الثروة ! ولذا يواصل ترامب في كل مرة الحديث عن أموال السعودية وكأنها وديعة بلاده في الرياض يسحب أرباحها في كل مرة يرى الرئيس الأمريكي أن الأمر يدعو لإسكات أعضاء الكونغرس الأمريكي الناقمين على ولي العهد السعودي ويعتبرون أن شراكته تعد وبالاً على واشنطن وتحكمها علاقات مريبة شخصية بينه وبين ترامب بينما هو في الحقيقة قد يكون قاتلا ومدبرا رئيسيا لجريمة تصفية جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول ناهيكم عن حربه غير العادلة في اليمن والتي ولّدت أكبر كارثة إنسانية في العصر الحديث في هذا البلد النامي الفقير لكن قطر والتي وجهت دفة الحصار لصالحها فعملت على المستوى الداخلي بتحقيق الاكتفاء الذاتي لأسواقها بعد أن فرضت جاراتها الثلاث حصاراً برياً وبحرياً وجوياً منعها من التواصل مع دول العالم للتبادل التجاري معها وضخ السوق القطري باحتياجاته ولم تجد الدوحة ممرا ومتنفسا إلا عبر إيران التي قدمت مشكورة تسهيلات لقطر التي اجتهدت على نفسها ونشّطت موارد الاقتصاد لديها حتى عادت أسواقها وخلال فترة قصيرة جدا أفضل مما كانت عليه قبل الحصار واستغنت عن كثير من نواقصها بالإمدادات المحلية التي ساهمت في اعتبار الحصار نعمة لا نقمة، وفي المقابل كان النشاط الدبلوماسي القطري في أوجه رغم الركود التي ظهرت عليه دبلوماسية كل من أبوظبي والرياض وكأن الحصار كان يقع عليهما لا قطر، فحلق فارس الخارجية القطرية الشيخ محمد بن عبدالرحمن إلى كافة الدول القريبة جغرافيا من قطر والبعيدة عنها في قارات أخرى لتوقيع اتفاقيات على كافة الأصعدة أصابت (حلف الفجار) بصدمة كبيرة لا سيما وأن الزعيم تميم بن حمد قام هو الآخر بزيارات محورية لدول شرق آسيوية وأفريقية ودول أمريكا اللاتينية نتج على إثرها توقيع اتفاقيات وشراكات مميزة أصابت دول الحصار بالدوار، ولعل أبرز هذه الاتفاقيات التي كانت بين الدوحة وواشنطن والتي أكدت العمق في العلاقات بينهما في الوقت نفسه الذي كان ترامب يستعرض علاقاته مع السعودية من باب حلب أموالها في كل مرة يصعد على منصة تجعله في مواجهة مؤيديه في حين يقف على الرصيف المقابل ولي عهد أبوظبي خائفا من التوجه لواشنطن خشية الملاحقات القضائية التي يمكن أن يجد نفسه مكبلا أمامها ومثله ولي العهد السعودي الذي رأيناه مرتبكا في قمتي العشرين السابقتين في الأرجنتين واليابان، وتتصدر حملات عالمية لمنع الرياض من استضافة قمة العشرين المقبلة في حين وجد سمو الشيخ تميم بن حمد نفسه مرحبا به وبحرارة في البيت الأبيض ليدخله زعيماً كبيراً ويخرج منه زعيماً عظيماً لم تضف له الزيارة شيئا وإنما هي من استنارت به ونورت. فاصلة أخيرة: ألا تجدون معي أن نعمة (قطر) تستحق الشكر في كل مرة ؟!.. اللهم لك الحمد والشكر مليار مرة وأكثر بمليارات المرات. [email protected]