16 سبتمبر 2025

تسجيل

قبل وداعك يا رمضان

14 يوليو 2015

كلها لحظات وساعات وسيرحل شهر العبادات والطاعات، وموسم الخيرات والبركات، وتكاد لا توجد لحظة أصعب من رحيل هذا الشهر، الذي أوشك على الانتهاء، والذى يعلم مكانته النفسية والدينية والاجتماعية كل مسلم، لما يملكه من عطايا ربانية تتضاعف حسناتها وبركاتها فى هذا الشهر الكريم، وهو منحة ربانية منحها المولى عز وجل لعباده لتطهيرهم من الذنوب والخطايا، ودعمهم بالطاقات الروحانية التى تعينهم على مواكبة التحديات، باقي شهور السنة، ويكاد ما يمنحه لنا رمضان من كل عام غير مقتصر على المسلمين فقط، وربما على غير المسلمين وما فيه من تضاعف بركة الرزق والزكاة، وفك الكرب وثقافة الإحسان والتقوى التى تقود المجتمعات العربية، التى امتدت حبالها الى كل من يعيش هذه الحياة من كافة الاديان الأخرى، ولذا فإن كلاً منا يدرك القيمة الفعلية لمكانة هذا الشهر، لما لها من آثار بعيدة المدى على الفرد والمجتمع، لأنه إذا انصلحت احوال الفرد وبالتالي ينصلح المجتمع بأكمله، ولذا فقبل رحيل رمضان ولا نعلم هل سندرك رمضان الاعوام القادمة ام لا؟ وربما هناك من كان بيننا من الاسرة والزملاء واتى رمضان هذا العام ولم يواكبه، وكُلنا أمل على مستوى الفرد ان نستغل اللحظات الأخيرة من نفحات هذا الشهر بالطاعات والاعمال الخيرية، وان ننوى نية التغيير الداخلي بألا تمضي شمس رمضان إلا وقد أقدمنا الهمة العالية والنية الخالصة لله، بأن يغفر ما رحل من الذنوب والمعاصى وارتكاب المحرمات، والاصرار على عدم العودة لها بعد رحيل هذا الشهر، والثبات بقدر المستطاع على ما أمرنا الله به بالقرآن واتباع السنة سواء ما كان من اخلاقيات او سلوك صادر من الفرد مع نفسه ومع الآخرين، وان يكون رمضان بداية جديدة ينوي بها رحلة التغيير الداخلية والخارجية، وان يكون عاملاً مساهما من خلال افعاله واقواله فى الاصلاح والتنمية، ونموذجاً يحتذى به، كأخلاق الأنبياء صلوات الله عليهم، والصحابة، ومن اتبع الهدى، ومن يتبعهم بإحسان.. نتمنى قبل رحيل شمس رمضان أن تنقضي كافة المشاحنات الأسرية ما بين افراد الاسرة الواحدة، والعوائل المجتمعية بشكل عام، وربما على رأس القائمة العلاقات الزوجية ما بين الازواج والزوجات، ومن كان منهم مقبلا على خطوة الطلاق والانفصال، فيكون رمضان رحمة له، وخاصة اذا كان بينهم اطفال ابرياء وسيكونون هم الضحية الأولى لهذا الانفصال، ولذا تكون بركة هذا الشهر فرصة كبيرة للتنازلات والعفو والتراجع عن قرارات، سيدفع ثمنها كل افراد الأسرة بالكامل، ويليها ـ كلنا تفاؤل ـ بأن تزول كافة المشاحنات ما بين افراد العائلة وممن تخالطت علاقاتهم المادية والمصالح المتعلقة بالأرث، وغيرها من فتن الدنيا بداخل صميم العوائل، ووصل الأمر إلى انقطاع صلة الارحام ما بين الاسرة بالسنوات الطويلة، وكان ضحيتها الكثير، وكانت نتيجتها التفكك الاسري والعائلي بالأوساط الاجتماعية وراح ضحيتها الاجيال الحالية منهم، ولذا فإن رمضان فرصة كبيرة للتغيير الايجابي والنفسي، ونفتح صفحة جديدة تزول معها كافه العقبات والتحديات ما بين زملاء العمل، والتي كانت بسبب المنافسات على المصالح، والمناصب وغابت مفاهيم العمل الفعلية، والقيم الحقيقية، التي تعزز العلاقات الاجتماعية، وتدفع عجلة التنمية الاقتصادية وتوطد العلاقات التى اتسمت بها مجتمعاتنا العربية، ونهضت عليها مجتمعاتنا قبل الانفتاح، لأن الحياة كانت تتسم بالبساطة والهدوء وتسمو للارتقاء البشري والمجتمعي، وربما ذلك أصبح العكس الآن، وأصبحت العلاقات فى أغلبها تقوم على المنافسات والمصالح، وكلها مخلفات الانفتاح الاقتصادي والاضطراب الثقافي، وسوء فهم التطور التكنولوجي على المجتمع، ودخول هذه التغيرات بصورة مفاجئة، فأصبح الفرد يدفع ضريبة هذا الانفتاح من الجوانب الثقافية والاجتماعية، التى كانت تتسم بها مجتمعاتنا بالقوة، ولكن تبقى الروحانيات الدينية، والعودة الى الله، هى افضل وسيلة فعلية وحقيقية لتغيير كافة السلبيات التي طغت على مجتمعاتنا العربية والاسلامية، وتكون بداية حقيقية وايجابية لنقود رحلة التغيير فى حياتنا الاسرية والمجتمعية فى هذا الشهر، وذلك لأنه اذا حدثت تغييرات فردية وبداية من الفرد نفسه، فبالتالى ستنعكس على المجتمع بأكمله، وذلك اقتداء بالآية الكريمة "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، ونحن قادرون.