12 سبتمبر 2025
تسجيلفي الوقت الذي تقاتل الدول الأوروبية الكبرى لإنقاذ الاتحاد الأوروبي من شبح انهيار المنظومة الاتحادية بسبب أزمة اليونان، لا نزال ننظر إلى بلادنا العربية كيف تتساقط مثل الورق الأصفر يتساقط عن الشجرة في فصل الخريف القاسي، تتساقط الدول وتترنح الأنظمة وتتفجر المشاكل والمصائب والأعمال الإرهابية والإجرامية في دول لم نكن نتخيل في يوم ما أن يقع فيها ذلك، السعودية والكويت مؤخرا، كان أمرا مريعا ما حدث، فيما تونس تكاد تشطب من سجل الوجهات السياحية على الأقل جرّاء الهجمات الإرهابية المتتالية فيها ضد السائحين، فيما الجزائر لا تزال وستبقى تعاني من الانقسام الأفقي والعمودي في دولة يسيطر عليها عجائز الدولة من الرئيس بوتفليقة ودائرة أعوانه، وما حدث في غرداية يسجل كآخر حلقة مرعبة في مسلسل.في اليونان هناك حكومة يقودها رئيس يساري "ألكسيس تسيبراس" وجاء للحكم للمرة الثانية بعدما فشل عام2012 في تشكيل حكومة ائتلاف، حيث شكل حكومته هذا العام بناء على خطة تحدٍ لأوروبا العظمى وللصناديق الكبرى الدائنة للدول، وبقي يصارع ضد خطة الإصلاح الاقتصادي التقشفي التي وضعها الاتحاد الأوروبي، والتي رفضها الشعب اليوناني أخيرا بعد تحريض من قبل الرئيس تسيبراس، حتى تهدد وجود اليونان في الاتحاد، ما دفع فرنسا وألمانيا إلى العمل فورا لعملية إنقاذ تمخضت فجر أمس للتوصل إلى اتفاق يطلق مفاوضات حول خطة مساعدة ثالثة لليونان بقيمة تقدر ما بين 82 و86 مليار يورو على ثلاث سنوات. لماذا عاد الأوروبيون لضخ الدماء في جسم اليونان الهزيل، وعلى ماذا يراهنون بعد خطة ثالثة تكلف أوروبا وشعوبها الكثير، وقد تتسبب في أزمة اقتصادية جديدة، فديون اليونان تقارب 400 مليار يورو ومع هذا لا زال لديهم أمل، ولدى الحكومات والقيادات الأوروبية إرادة حقيقية لإبقاء الاتحاد الأوروبي متماسكا ودعم أي دولة كي لا ينعكس سلبا على بقية الدول، وجعل القارة الشقراء مثالا للاندماج والتعاون والتطور في كل مجالات الحياة، وهم يعملون على دفع الاتحاد الأوروبي ليصعد كقوة عظمى تنافس في حالة انهيار أمريكا أو عودة الأقطاب العالمية يوما ما.في يوم أمس، أيضا الذي قرر الأوروبيون أن يتعانقوا من جديد، بدأ هجوم جديد من قبل حكومة بغداد والميليشيات الشعبية والإيرانية لما أسموه تحرير الأنبار من قبضة داعش، فيما يستمر تنظيم داعش بقتل الأسرى لديه بالعشرات، وتقاتل جماعات وتنظيمات وميليشيات متناحرة على الأرض السورية، يقابلهم النظام الذي فقد غالبية قوته العسكرية ويعتمد على التواجد العسكري الإيراني ومقاتلي ميليشيا نصر الله، ولا تزال براميله المتفجرة تعمل في الخدمة العسكرية ضد البيوت والأسر والأطفال المحاصرين بلا رحمة ولا بصيص أمل لنهاية قريبة، وكل ذلك يحدث في العراق وسوريا دون أدنى فكرة عما ستؤول إليه الأمور في اليوم التالي، ولا أمل في أن يطلق مسؤول واحد صرخة لوضع حد لشلالات الدم التي تسيل من بين خرائب الدولتين."السيناريو الأسود" هكذا أطلق الأوروبيون على أزمة خروج اليونان من منطقة اليورو، ولذلك خاطرت الدول الكبرى ووافقت على الخطة الجديدة، كي لا يخسر الاتحاد دولة مفلسة تماما وهم يعلمون ذلك، ومع هذا لا نجد في عالمنا العربي من يرفع ليطلق نداء الإنقاذ، إنقاذ العالم العربي من الانقراض سياسيا واقتصاديا عما قريب إذا بقيت الحروب والصراعات والمؤامرات تدور رحاها في هذا الوطن المشرد على ظهور أبنائه، فلم يعد هناك بلد عربي في منأى عن الانفجار الصغير أو الكبير. إن كرة الكراهية تكبر وكرة الثأر والانتقام تكبر وكرة التطرف والاقصاء تكبر في عالمنا العربي، وفي ظل استبداد بشع من بعض الأنظمة الحاكمة التي تغذي كل هذا البركان بالحمم التي ستنفجر في كل مكان، فسوريا قادها النظام المستبد للتشرذم والدمار، وليبيا قادها النظام الأرعن للهلاك بعدما هلك، ومصر عادت لزمن الفرعون الذي لا رؤيا ولا قرار إلا ما يراه هو ويقرره، واليمن لن يرفع رأسه حتى بعد عشرات السنين، فيما تعاني دولة كالأردن من أزمة اقتصادية ومديونية مالية عالية، قد تجعله ينهار فجأة دون سابق إنذار، لتسقط بلاد الشام حينها في بحر الظلام وقراصنة الصحاري من الإرهابيين والمعاتيه، فيما مليارات العرب تذهب نحو التسلح وتشغيل شركات الأسلحة والطيران.. فأين الفرق إذا بيننا نحن المؤمنين وبين أوروبا "الكافرة" يا ترى؟!!