20 سبتمبر 2025
تسجيلصعود المدّ الهندوسي المتطرف ممثلاً بالذراع السياسي حزب جاناتا بارتي الهندوسي، وخلفيته الحركية العقدية حركة آر إس إس الهندوسية المتطرفة، ليس خطراً على المسلمين والأقليات الأخرى كالمسيحية والسيخية وغيرها، وإنما خطره الحقيقي على حقيقة وهوية الهند العلمانية التي قدمت نفسها منذ رحيل الاحتلال البريطاني عنها. وإن كانت بداية هذا الصعود بدأ بتراجع حزب المؤتمر الهندي بزعامة آل غاندي وبرز على أنقاضه هذا الحزب الهندوسي المتطرف، ليقضي بذلك على سلالة حكمت الهند لحوالي 46 عاماً متواصلة. يستمد حزب جاناتا بارتي قوته الاجتماعية من الطبقة الوسطى، والطبقة العليا الهندوسية بحسب التصنيفات الدينية للهندوس، بالإضافة إلى طبقة رجال المال والأعمال، وكان أول بروز سياسي للحزب في انتخابات عام 1984 حين تمكن من الفوز بمقعدين فقط، ليحصل في عام 1996 على 161 مقعداً والذي كان على حساب تراجع حزب المؤتمر الهندي بزعامة آل غاندي، وقد أثار هذا الصعود الصاروخي لحزب هندوسي متطرف في دولة عرفت بالعلمانية أسئلة كثيرة وتساؤلات أكثر عن طبيعة الوعود والطموحات التي قدمها الحزب للناخبين الهنود حتى أقنعهم بهذا الزخم للتصويت لصالحه. شكّل هدم المسجد البابري التاريخي عام 1992 من أجل بناء معبد هندوسي على أنقاضة ذروة التعصب الهندوسي، وأتى التضامن العربي والإسلامي مع المسلمين الهنود ليدفع بالمحكمة إلى توقيف عملية الهدم والبناء، ولكن استمر الجمر تحت الرماد، وتزايدت معه موجة الغضب الهندوسية المتطرفة، مما وسّع التضامن الإسلامي إلى خارج الهند والدول المجاورة في باكستان وبنغلاديش، لتصل إلى العالم العربي والإسلامي، لاسيما مع نيل الناطقة باسم الحزب الهندوسي من الرسول عليه السلام، وهو ما أطلق موجة احتجاجات ومقاطعات ضخمة على مستوى العالم الإسلامي ضد الهند وممارساتها ضد المسلمين الهنود المقيمين هناك. اللافت هذه المرة هو ضعف التعاطي الباكستاني حكومة وأحزاباً وشعباً تجاه تصاعد المد الهندوسي المتطرف بحق المسلمين هناك، فلا الحكومة كانت على مستوى الحدث كما كانت ردة فعل حكومات سابقة تجاه قضية رسم الكاريكاتورات المسيئة للنبي عليه السلام، ولا حتى على مستوى الأحزاب اليمينية، أو الإسلامية التي كانت تقفل إسلام آباد العاصمة احتجاجاً على قضايا أقل مما نواجهه اليوم. من الواضح أن الهند لم تُعرْ اهتماماً وعناية للدول العربية والإسلامية التي ظهرت فيها حملات شعبية قوية هذه المرة ضد ممارساتها بحق المسلمين، أو نيلها من النبي عليه السلام، أو الدعوة إلى مقاطعة البضائع الهندية، مما عكس إصراراً هندياً على هذه المواقف، وعكس معه رغبة باستمرار المواجهة.