20 سبتمبر 2025

تسجيل

مطعم (الكيمة) ومقهى ستاربكس

14 يونيو 2021

ماذا سيقول ذلك الجيل الأول، الذي كان يرى الجلوس في المقاهي مثلبة كبيرة في حق الرجل وإضراراً كبيراً في حق النشء لو شهدوا العصر الذي نعيشه اليوم وقد امتلأ الوطن بمجمعاته، شوارعه، مولاته، كل ركن فيه بالعديد من المقاهي وأسمائها الغربية من ستاربكس وكوستا وغير ذلك. أذكر أن بعض أهل الريان في منتصف الستينيات وما بعدها ممن عايش مجتمعات أكثر انفتاحاً من مجتمعنا القطري في حينه قد أقاموا «صنادق» خشبية أكشاكاً، ووضعوا أمامها طاولات وكراسي للعب الكيرم والدامة والورقة «الزنجفة» وتناول الشاي أو المرطبات وسماع الأغاني عن طريق ميكروفونات مثبتة، فلجأنا إليها كشباب خاصة في عطلة الصيف الطويلة المملة، مما أغاظ حفيظة «الشيبان»، واعتبروا ذلك خطراً على مستقبل أبنائهم، فتنادوا محذرين ومتوعدين الأبناء بألا يذهبوا ولا يجلسوا في هذه الأماكن المشبوهة. وأذكر قهوة يتيمة، أدخلتنا عالم" الكيمة" و"الصبجي" وهما أطباق هندية، شهية بما تحتويه من فلفل وخضار، كان يومنا لا يكتمل إلا بتناول الكيمة، وكان الهندي صاحب المطعم واسمه محي الدين، شديداً في تعامله معنا، كما كان هناك دكان بجواره لا نبرح المكان إلا وقد مررنا عليه وبما تبقى من فلوس في جيوبنا سواء كان ربع ريال قطر ودبي أو ربما روبية هندية وكنا نسمي ربع الروبية "غران" أو نصف روبية، وأذكر عبارة له كان يرددها عندما نقترب من دكانه "السلف تلف" توقعاً منه أننا لا نملك نقوداً وهو توقع في أغلبه صحيح، كان خوف الشيبان على أولادهم من سوء الخلق عند الجلوس في المقاهي وصحبة السفهاء و«السرابيت» من الناس، حيث كان النمط السائد تناول الأكل داخل البيت أو عند صديق أو قريب وليس في الشارع مما يعرض شخصية الإنسان للاهتزاز في نظر الآخرين. في مثل هذه الجغرافيا المغلقة نشأنا، وقد كان المد القومي على أشده وقد شكل لنا اهتماماً إنسانا هذا المجتمع الصغير المغلق بل واستطاع أن يمس قلوب الكبار قبل الصغار فتحولت الحياة إلى موقف حتى وإن كانت صعبة أو قاسية طالما عصب الكرامة والعزة والأنفة لم يُمس، مقارنة بالحياة الزئبقية السائلة التي نعيشها اليوم، فكل شيء أصبح قابلاً للمقايضة بما فيه الإنسان ذاته أمام الدراهم التي كنا نشتري بها الكيمة والصبجي. [email protected]