16 سبتمبر 2025

تسجيل

دفع الناس لهاوية الاقتتال.. ببراءة!

14 يونيو 2013

حرب شائعات أو حرب نفسية يجري شنها على الشعب المصري منذ نحو عامين لدفعه إلى هاوية الاقتتال والفوضى المجتمعية الشاملة. وقد جرى الأمر على شكل موجات من الفوضى السياسية، كلما فشلت إحداها في الوصول إلى درجة الفوضى المجتمعية، جرى إدارة عجلة التالية، تحت عنوان أشد بريقا من السابقة التي فشلت أو سقطت هي دون أن يسقط الشعب في هاوية الاقتتال. الآن يروج الإعلام والساسة للفوضى الاجتماعية مباشرة وينشدون حالة الاقتتال الأهلي! بعد أن سقط مبارك وبينما الشعب في نشوة الانتصار خرجت أصوات تزرع الفتنة بين الإسلاميين والعلمانيين، وبينما الحرب مستعرة وعلى أشدها في أبواق الإعلام تنبه القائمون عليها، أن شعبية الإسلاميين ستأتي بهم عبر الصناديق وأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة مصمم على الديمقراطية وإجراء الانتخابات، فجرى قسمة البلاد بين موالين أو متحالفين أو عاقدي الصفقات مع العسكر، وبين المدنيين الرافضين لحكم العسكر، وعاشت البلاد ردحا من الاضطراب والصراع. هكذا كان شعار تلك المرحلة.. يسقط.. يسقط حكم العسكر. وحين انتهت مرحلة حكم المجلس العسكري ووصل الإسلاميون إلى الحكم، عادت الحرب من جديد وجرى قسمة البلاد بين معسكري الإسلاميين من جهة والليبراليين من جهة أخرى وجرت مناشدات للقوات المسلحة أن تعود لتنقذ الشعب من الإسلاميين. هنا تحرك حزب النور السلفي وطرح مبادرة عابرة للانقسامات على أساس فكري أو أيديولوجي وعقيدي ففشلت الموجة الثانية، خاصة بعد أن أعلنت القيادة العسكرية عن دفاعها عن الشرعية الديمقراطية. الآن عادت من جديد في نسختها الثالثة، تحت عنوان إقصاء الرئيس أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو سحب الثقة من الرئيس، حيث تجري عملية مخططة لشيطنة التيار الإسلامي والرئيس والإخوان ويطرح شعار يسقط حكم المرشد، ولا للأخونة.. إلخ. ضجيج وحديث متواتر عن العنف والمظاهرات المقبلة، وشائعات تملأ الأثير، وحروب إعلامية توقف دوران عجلة الحياة. ومواقع التواصل الاجتماعي صارت ساحات حرب دائمة منفلتة من كل عقال أو عقاب أو مبدأ. الآن تحول يوم 30 يونيو إلى يوم تشعل فيه الحرب. من يتابع كل شيء في مصر يرى البلاد وكأنها تستعد لحرب في هذا اليوم. الإعلام يحشد ويخوف ويصيب المجتمع باضطراب. والساسة يمارسون هواية المقاطعة والتمرد والانقسام ويبرزون بطولاتهم اللغوية لحشد الناس للاصطدام ببعضهم البعض. والشعب في كل ذلك، مصاب بالحيرة والصداع. الصداع أصاب شعبنا بالكامل، حتى إن البعض صار يستعجل وقوع البلاء، تحت عنوان وقوع البلاء ولا انتظاره. ويال الجرأة. البعض صار يتحدث علنا وبسفور عن حرب أهلية وبحار دم، وعن أن الطرف الآخر هو من سيبدأ العنف والقتل واستخدام السلاح وصار يشرح كيف يرتب مسرح العمليات في الشوارع، وهكذا صار يلعب دور الشرطي والمحقق والقاضي ويصدر حكمه على الطرف الآخر، فيرد عليه آخرون بالقول: إنك تقدم السيناريو الذي أعددته أنت. أصبح الحديث العلني هكذا يجري بدون أي إحساس بالمسؤولية، ولا بخطورة ما يقول ولا بحرمة الدم ولا ولا. لم يعد للناس حديث إلا ماذا سيحدث في 30-6. أينما تذهب يسألك الناس، وتتطاير الألفاظ القلقة على النفس والولد والممتلكات والبلد. وإذا حاولت طمأنة أحد تجده صار يفرغ لك ما يقال على لسان الإعلاميين والساسة تحت عنوان "بيقولو.. وسمعت".. وحد قال لي.. إلخ. هي حرب شائعات وتخويف جديدة، على أمل أن يتحول صداع الإعلام إلى حالة انفجار من اليأس في الوصول إلى نقطة رضا أو حالة صمت، فيدخل الناس في أتون العنف والدم. هل تفشل الموجة الثالثة أيضا؟