20 سبتمبر 2025

تسجيل

الصحة النفسية في زمن الكورونا

14 مايو 2020

اليوم ومع الأعداد المتصاعدة للمصابين بمرض كوفيد - ١٩ والإشاعات المصاحبة لذلك، وشعور الريبة والخوف من عدم معرفة ما قد تؤول إليه الأمور من جراء هذا الوباء، كلها أسباب تؤثر سلباً على صحة الفرد والأسرة نفسياً.. فهل نحن مستعدون للتعامل ليس فقط مع المرض بحد ذاته ولكن أيضاً للتعامل مع هذا الضغط النفسي الناجم من هذا الفيروس والتغيرات العالمية، الدولية والاجتماعية المصاحبة له؟ إن هذا الوباء لم يغير فقط العادات والمفاهيم الصحية المتبعة من قبل الفرد أو الدولة ولكنه أيضاً فرض تغيرات حادة على الحياة اليومية للفرد من حجر وتباعد اجتماعي وغير ذالك، فأصبح الإنسان هذا الكائن الاجتماعي بطبيعته يلزم بيته الذي قد يكون لا يسكنه أحد غيره وعليه أن يغير من نمط حياته الصحية والعملية والاجتماعية وغيرها من أنماط حياتية تأثرت جراء هذا التغير المفاجئ. وليس هذا فقط ولكن عليه أيضاً أن يكمل في عطائه المهني لمن لم يخسر وظيفته في هذا التغير أو أن يكتشف مدخل رزق جديداً للذين خسروا مهنهم في هذه الأزمة، وعليه أيضاً أن يتعامل مع خوفه ومشاعره السلبية بأن هذه الأزمة قد تطول وليس بيده شيء في إنقاذ البشرية إلا بالتغير والصبر. هذا الطلب المزعج للكثير منّا.. (التغير).. تغير ما اعتدنا عليه وما ألفناه، تغير ما نقيس من خلاله إنتاجيتنا وإنسانيتنا.. والصبر على كل ذلك على أمل أن يعود كل شيء كما كان. وقفة تأمل إن أهمية الصحة النفسية في هذه الفترة لا تقل عن أهمية صحتك الجسدية في استعدادك للمواجهة أو التعايش في ظل هذه الأزمة، حيث إن الاستسلام أو الهلع أو غيره من ردود الأفعال النفسية جراء ما يحدث له تأثير مباشر على جهازك المناعي، لذلك فإن المحافظة على استقرارك النفسي أمر أكثر جدية وأهمية من ذي قبل. وتعزيز طاقتك الإيجابية حتى وإن بدا الأمر صعباً في بدايته ولكنه بلا شك مهم للغاية. وقد يكون ذلك ممكناً من خلال البدء في إعداد جدول يومي أو أسبوعي بالمهام التي عليك إنجازها على المستوى الشخصي أو الأسري أو المجتمعي، وتخصيص أوقات لممارسة الرياضة وغيرها من الهوايات التي تشكل منفذاً لطاقتك، واستثمار وقتك في تطوير نفسك على المستويات المختلفة كالدينية والثقافية وغيرها. قد يكون من أهم ما عليك فعله لتعزيز صحتك النفسية هو تغير زاوية رؤيتك لهذه الأزمة، بمعنى بدلاً من النظر إليها كابتلاء مطلق والشعور تجاهها بالخوف والجزع أو حتى الاستسلام والتهاون إلى منظور آخر وهو أن تنظر إليها وكأنها اختبار لنفسك وذاتك تحتاج إليه الآن وتحتاج إليه البشرية جميعاً لإعادة ترتيب منهجية حياتنا. وما أن تجتاز هذا الاختبار ستكون إنساناً مختلفاً أو إنساناً يشبه ذاتك الأولى، قوياً ومرناً. قد تكون هذه الفرضية للبعض مبالغا فيها ولكن لنقيسها على الابتلاءات التي مرت بها البشرية فيما سبق وكيف كان نتاجها على الأمم والحضارات. ألم يخرج أعظم الحكماء من أرحام الابتلاء؟ استودعكم يقول علي بن أبي طالب لا تجزعن إذا نابتك نائبة.. واصبر ففي الصبر عند الضيق متسع [email protected]