19 سبتمبر 2025
تسجيلقوة الدولة تختلف من منطقة إلى أخرى داخل عالمنا العربي الكبير، وذلك الاختلاف له مدلولاته السياسية والاجتماعية وتأثيراته على تطور المجتمع وسهولة ولوجه إلى مرحلة التحول الديمقراطي المنشود. ففي البلدان التي لا تزال البنى الثقافية والاجتماعية فيها فاعلة نرى دوراً للدولة يختلف عن تلك البلدان التي لم يعد توجد فيها بنى تقليدية فاعلة أو استطاعت الدولة أن تقضي عليها، وإذا افترضنا وجودها فإنها على الأغلب شكلية. أستطيع أن أسوق أمثلة لتوضيح ما أقصده، فالمثال على وجود قوى أو بنى ثقافية فاعلية يمكن رؤيته في كل من لبنان ؛ حيث الطوائف أو اليمن؛ حيث القبيلة تلعب دوراً حاسماً في إدارة المجتمع وتحولاته في تلك البلدان. نجد الدولة تتعامل بشكل سياسي يميل إلى توزيع المقدرات بين هذه البنى أو تلك القوى على نحو توافقي لتتمكن من السيطرة على زمام الأمور وهي هنا أقل بطشاً وعنفاً. في حين أن المثال على قيام الدولة بإزالة البنى الثقافية داخل المجتمع يتمثل في تونس ( راشد الغنوشي في أحد حواراته) والنتيجة لذلك امتلاك الدولة للمجتمع بشكل كلي وقضاؤها على أي إمكانية للتطور في اتجاه المنحنى الديمقراطي الذى يفترض إيجاد بدائل لتلك البنى التقليدية بشكل تدريجي يمكن المجتمع من التقليل من سيطرة الدولة وبطشها. أما المثال على شكلية تلك البنى التقليدية وعدم فاعليتها بشكل يجبر الدولة على توزيع الأنصبة فهي بلدان الخليج العربي، فالقبيلة فيها برغم وجودها إلا أنه وجود شكلي لا يستطيع الوقوف أمام الدولة وجبروتها أو إجبارها على التعامل معها أو مع مؤسسات المجتمع الأخرى بشكل أكثر حيادية، لأسباب كثيرة منها ؛ الندرة السكانية، واعتماد الاقتصاد على الريع المستخرج بواسطة فعاليات أجنبية لا تشارك فيها القوى الوطنية إلا بالنزر اليسير. والجميع يعلم لما لهذه البنى الثقافية والاجتماعية بجميع أشكالها؛ القبلية والطائفية من دور كبير أثناء مرحلة مقاومة الاستعمار ومعارك التحرير الوطني في جميع بقاع أمتنا العربية، ولكن التحول السلبي حصل بعد الاستقلال، حيث امتلكت الدولة سواء كانت على شكل الحزب الواحد أو القبيلة أو الطائفة زمام الأمور، وتنكرت لتلك القوى التقليدية وماضيها وتاريخها، وعملت بالتالي على تهشيمها أو إزالتها أو إبقائها كديكور لا أكثر ولا أقل. [email protected]