13 سبتمبر 2025

تسجيل

دروس من الأزمة الفنزويلية

14 مايو 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); وسط تصاعد الاضطرابات الشعبية على خلفية الصراعات السياسية في فنزويلا، بات لا يخفى على أحد الجذور الاقتصادية لهذه الاضطرابات، والتي دفعت البلد إلى حافة الانهيار الاقتصادي. وما يهمنا هنا تسليط الضوء على بعض الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة للاستفادة من دروسها. يعتبر النفط محرك النشاط الاقتصادي في فنزويلا، ويشكل 96% من إجمالي إيرادات الصادرات النفطية للدولة، التي تمتلك أكبر مخزون نفطي في العالم. وبين عامي 2004 و2015، حققت فنزويلا عائدات بقيمة 750 مليار دولار. وتبيع فنزويلا، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، 40%، من صادراتها من المحروقات إلى الولايات المتحدة. غير أن الوضع معاكس اليوم تماماً في ظل هبوط أسعار النفط بأكثر من 70% منذ يونيو 2014، ما أدى إلى خسارة فنزويلا 40% من إيراداتها النفطية العام الماضي. إجمالي الديون المترتبة على الدولة تقارب 120 مليار دولارولكي نفهم بالضبط ماذا يعني انخفاض الإيرادات النفطية بالنسبة للشعب الفنزويلي، نقتبس تحليل للسيدة ليسا فيسيدي، مدير برنامج الطاقة والتغير المناخي والصناعات الاستخراجية في منتدى الحوار بين الدول الأمريكية. فعلى مدى سنوات، اعتمدت الحكومات الفنزويلية على شركة النفط المملوكة للدولة "بتروليوس دوفنزويلا" لتمويل البرامج الاجتماعية من قبيل الإسكان المجاني والرعاية الصحية التي أنهكت الموارد المالية للشركة. وفي عام 2014 أنفقت "بتروليوس دوفنزويلا" 26 مليار دولار على البرامج الاجتماعية، على نحو تجاوز ضعف ما حققته من عوائدها المقدرة بـ12 مليار دولار. وفي عام 2015 حينما بدأت آثار الانهيار المتواصل في أسعار النفط تستحكم، انخفض الإنفاق الاجتماعي، لكنه ظل يفوق عائدات "بتروليوس دوفنزويلا" بـ5,8 مليار دولار، حسب وزارة النفط في فنزويلا. وعلى امتداد سنوات العقد الماضي، وباستثناء عامي 2009 و2010، أنفقت الشركة على البرامج الاجتماعية أكثر مما أنفقته على التنقيب والإنتاج. ومما زاد الأمور حدة سياسة الحكومة التي جمدت أسعار الجازولين المحلية عند سنت واحد تقريبًا للتر، على مدى عقدين تقريبًا، مما كبد "بتروليوس دوفنزويلا" المليارات سنويًّا. واضطر انخفاض سعر النفط الشركة إلى تشغيل بعض الحقول بالخسارة، على نحو أسهم في الافتقار الحاد إلى التدفقات النقدية. هذه التطورات أفقرت الميزانية الفنزويلية، في وقت تشير التقديرات إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 1600% في 2017، بينما يواجه السكان نقصاً خطيراً في مواد أساسية وغذائية إلى جانب فقدان أكثر من 70% من الأدوية، مع استهلاك احتياطي العملات الأجنبية المخصص للاستيراد، ما يدفع بالشعب إلى الوقوف في طوابير طويلة لساعات لشراء احتياجاتهم من المتاجر في مشهد أقل ما يمكن وصفه بالمأساوي وتحول نحو ثلاثة أرباعهم إلى فقراء. وتشير الأرقام إلى أن إجمالي الديون المترتبة على فنزويلا تقارب 120 مليار دولار. ومن تداعيات هذه الأزمة الاقتصادية، انخفاض قيمة البوليفار الفنزويلي، وهي العملة الرئيسية لفنزويلا، بشكل حاد حيث فقد تقريباً كل قيمته أمام الدولار الأمريكي. ما يهمنا هنا ملاحظة إن نظام المساعدات الاجتماعية الذي يصمم لمساعدة الفئات المحتاجة يجب أن يتصف بالاستدامة، وبالتالي يجب ألا يرتبط بقاؤه ببقاء إيرادات الدولة مرتفعة. وقد شاهدنا إن دول المجلس، عند بدءها إجراءات إعادة الهيكلة، أيضا بدأت بإعادة تصميم برامج المساعدات الاجتماعية وقلصت الدعم عن البنزين وبعض الأغذية كما حدث في البحرين والسعودية. إن بقاء الدعم مثلما كان في سنوات الرخاء لا يقل من حيث السلبيات والمحاذير عن رفعه كاملا ومرة واحدة. بل يجب أن يتم بالفعل التفكير في تصميم برامج مساعدات ودعم اجتماعي مستدامة توجه للفئات المحتاجة في المجتمع فقط.