10 سبتمبر 2025

تسجيل

وداعاً يا صديق العمر

14 مايو 2017

وداعاً يا صديق العمر والمشوار.. وداعاً يا صانع البهجة.. وداعاً يا راسم الابتسامة ومفرح القلوب.. جمعتني به أيام حلوة وأيام مرة جمعتنا أيام بكل الألوان، هو قريبي وزميلي وصديقي، هو أخي الذي لم تلده أمي، عشنا أجمل الأيام على أسياف الشمال من الغارية إلى المرونة ورأس مليجي ولفان، واستقرت بنا الحال في السنوات الأخيرة على سيف زكريت والتخييم الشتوي. عبرنا الوطن معا لدول الجوار والوطن العربي ومختلف الدول والقارات، تخاوينا في دنيا قلت فيها الأخوة. يأسر عقل من يتعرف عليه للوهلة الأولى ويدخل القلوب سريعاً بدماثة أخلاقه وحسن عشرته . يصنع كوميديا الموقف المبنية على خفة الدم وسرعة البديهة، لماح متسامح كريم، قلبه أنقى من النقاء ونفسه صافية كالسماء هو العزيز بوحمزة. محمد بن سلطان الكواري رفيق دربي ومشواري، عشرتي معه طويلة لم يتخللها كدر، لقد تألمت كثيراً لحاله أثناء تخييم العام الماضي، حيث بدأ مشواره مع الآلام والأوجاع وسفره شرقا وغربا بحثا عن علاج، فكانت هذه الكلمات: فاض الدمع من عيني غزير على عزيز داهمته الأوجاع بوحمزة راعي القلب الكبير على فراقه بي حسرة ملتاع استوحشت الأماكن التي جمعتنا بعد غيابه في رحلة علاجه وغيابه عن الوطن، وخصوصاً زكريت التي لم أستطع زيارتها بعد أن غاب عنها، فكانت الكلمات التالية في مناجاة لزكريت بدون ذاك الرجل: اعذريني يا زكريت اعذريني يا زكريت ما أقدر أجيك اعذريني يا زكريت جرحي كبير غاب العزيز إلي في عيني محليك خياله قدامي واشوف زوله بكل شبر براضيك اعذريني يا زكريت ما أقدر أجيك **** شأت الأقدار أن أزوره مرتين في لندن، حيث كان طريح الفراش لمدة سبعة أشهر في الغرفة ٢٢٤ بمستشفى كرومول، وكان فراقي له المرة الأولى صعباً جداً، فلقد رأيته متألما خائر القوى ضعيف الإرادة والنفس منهك الحال. فغابت عني فرحة نجاح عملية أجريتها هناك، وسيطر علي ألم فراقه وتركه في لندن يعاني. نقلت إحساسي لأخي وصديقي خالد بن سلطان بن راشد الكواري، والذي رد علي بالكلمات التالية كتبها على لساني وتعبيراً عن حالي في الليلة الأخيرة في لندن قبل عودتي للدوحة وتركه هناك. الليلة الأخيرة يا لندن.. راجع.. وعندك.. صديق العمر.. والمشوار.. اراجع مابقى فيني.. وادور للقدر.. اعذار.. وعذرك ايش يا لندن؟.. تخلينه وحيد الدار.. وتخليني غريب النفس.. والأفكار.. طلبتك لي تردينه.. طلبتك بأجمل الأشعار.. أنا ماقوى فراقه لي.. أنا ماقوى على الأسفار.. مرت أيام وليال على فرافقنا نتواصل هاتفياً بشكل مستمر، وأطمئن على أحواله من خلال أبنائه وإخوانه الذين تناوبوا على مرافقته في رحلة العلاج الطويلة. عدت بعدها إلى لندن لمواصلة العلاج وقضيت معه فترة من الزمن، حيث تقرر عودته للدوحة لمواصلة العلاج هناك، غادر العزيز الغالي لندن إلى أرض الوطن يحمل شوقا جارفا بين الضلوع لبلده وأهله ومحبيه. ويحمل في ذات الوقت ألماً وتعباً شديدين، يحمل عجز الطب عن علاجه بعد أن تنقل بين الشرق والغرب وأدخل سبع مستشفيات كان الأمل في آخر المستشفيات مستشفى الأمل، ليقضي فيه ما تبقى من لحظات العمر مصارعا المرض الخبيث الذي تمكن من كامل جسده. وضع كان يصعب عليه رؤيته فيه جعل الله مثواك الفردوس الأعلى وجمعني معاك في جنات النعيم وداعاً يا صديق العمر "وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت" صدق الله العظيم