15 سبتمبر 2025

تسجيل

زيادة النفط الصخري الأمريكي لن تؤثر على أسعار الخام العالمي

14 مايو 2014

ظلت الولايات المتحدة الأمريكية على مدى سنوات وعقود طويلة هي المستهلك والمستورد الأول والأكبر للنفط والغاز على مستوى العالم، وما كان يمكن لأحد أن يتصور أو يتخيل أن تتحول هذه الدولة صاحبة أقوى وأكبر اقتصاد عالمي إلى دولة مصدرة للطاقة، سواء كانت نفطا أو غازا، ولكن ما كان مستحيلاً فيما مضى أصبح اليوم واقعاً وحقيقة وأصبح يعمل بهذه الصناعة حالياً أكثر من مليون شخص "وفقاً لأحدث تقارير شركات الأبحاث المتخصصة في هذا المجال" والتي تتوقع أن تدر هذه الصناعة للولايات المتحدة الأمريكية في عام 2016 أكثر من 150 مليار دولار. هذا ويتوقع الكثير من الخبراء والمؤسسات البحثية، وفي مقدمتها وكالة الطاقة الدولية، أن يفوق الإنتاج الأمريكي من النفط ما تنتجه المملكة العربية السعودية خلال الأعوام الثلاثة القادمة، ويرجعون الفضل في ذلك إلى كثافة استكشافاتها من النفط والغاز الصخري "الطفلي" من خلال تكنولوجيا وتقنية الفراكينج التي تعتمد على ضخ كميات من المياه والرمال مخلوطة ببعض المواد الكيماوية بنسب محددة وتحت معدلات ضغط مرتفع في آبار الغاز، مما يؤدي إلى تكسير الصخور وإطلاق كميات كبيرة من النفط والغاز المحتجزة داخلها فيما تعرف بتكنولوجيا التجزؤ الهيدروليكي.ويعود الفضل في هذه الطفرة الكبيرة في استخراج النفط والغاز الصخري في الولايات المتحدة الأمريكية إلى جورج ميتشيل الذي أسس شركة صغيرة للطاقة أسماها "ميتشيل إينرجي" بهدف استخراج النفط والغاز في المناطق الصخرية في بارنيت، وظل يعاني أكثر من عشرين عاما بين التجربة والخطأ لاكتشاف التركيبة المثلى، حتى تمكن من صنع الخلطة الكيماوية المثالية التي تتمكن من تكسير وتفتيت الصخور الطفلية واستخراج ما بينها وفيها من نفط وغاز طبيعي، وبعد نجاح التجربة والشركة وكبر عمر صاحبها باعها في عام 2002 إلى شركة ديفون بمبلغ 3.2 مليار دولار.وتؤكد إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن الإنتاج اليومي من النفط الأمريكي الخام قد ارتفع في شهر مارس الماضي إلى نحو 8.1 مليون برميل، أي ما يفوق واردات البلاد من الخارج، كما تتوقع الإدارة الأمريكية أن يصل الإنتاج الأمريكي من النفط بحلول عام 2016 إلى 9.8 مليون برميل يومياً.... وإن تخوف البعض من تبعات زيادة إنتاج أمريكا النفطي على خفض سعره، وذلك بعد أن أدى زيادة المعروض من النفط الصخري الأمريكي في شهر أبريل الماضي إلى تزايد الفجوة السعرية بين برميل خام برنت "كمؤشر عالمي لأسعار النفط" وسعر برميل خام غرب تكساس "كمؤشر محلي" إلى 14.88 دولار لصالح خام برنت.علماً بأن هذا التخوف لدى الكثير من الخبراء لم يأتِ من فراغ وإنما يعود إلى الانخفاض الكبير في سعر الغاز الذي شهدته الولايات المتحدة الأمريكية من تسعة دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية "BTU " في عام 2008 لتصل في نهاية عام 2013 إلى نحو 3.63 دولار فقط... إلا أن البعض الآخر يرى أن وفرة النفط الصخري لن تُحدث تأثيراً ملموساً في أسعار النفط العالمي، على عكس ما حدث بالنسبة للغاز الأمريكي الذي زاد المعروض منه بشكل سريع للغاية في الوقت الذي لم يزِد الطلب عليه بنفس المعدل. وأرجع فريق الخبراء ذلك الموقف لتأخر الكثير من الشركات وفي مقدمتها الشركات الكيماوية التي تعتمد في إنتاجها بشكل مباشر ومطلق على الغاز في استغلال وفرته وسعره المنخفض في إنشاء مجموعة من المصانع الجديدة الكفيلة باستهلاك الزيادات المعروضة من الغاز وإحداث حالة من التوازن بين المعروض منه والطلب عليه ومن ثم عدم خفض سعره، خاصة أن تسعير النفط يختلف كثيراً عن الغاز، حيث يكون تسعير النفط موحداً على مستوى العالم ولا يختلف السعر من منطقة لأخرى، بينما يتميز سعر الغاز باختلافه من منطقة لأخرى ومن دولة لأخرى.هذا ويستخرج الغاز الصخري أو الطفلي والذي يطلق البعض عليه اسم الغاز الرطب في صورة سائلة، ويحتوي بجانب الميثان "كمكون أساسي" على هيدروكربونات أخرى هامة للصناعة، مثل الإيثان والبروبين والبوتين، ومن ثم فإن الغاز الصخري بالإضافة إلى كونه مصدراً رخيصاً للطاقة فهو مطلوب بصورة أساسية للعديد من الصناعات وفي مقدمتها صناعة الصلب والصناعات التحويلية التي بدأت مؤخراً في إقامة عدد من المصانع بالقرب من خليج المكسيك بهدف الاستفادة من وفرة الغاز بهذه المناطق وانخفاض سعره.وفي محاولة للخروج من هذا المأزق والاستفادة من وفرة الغاز الصخري وانخفاض سعره في الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بعض الشركات المنتجة له في إنشاء وبناء محطات لتسييل الغاز وتصديره بأسعار أكثر ارتفاعا إلى أوروبا وآسيا في صورة سائلة، وفي مقدمة هذه الشركات التي اتخذت هذه الخطوة ومازال مشروعها تحت الإنشاء شركة تشينير إينرجي، كما منحت السلطات الفيدرالية الأمريكية بعض التصاريح لعدد من الشركات الأخرى لتنفيذ وإقامة المزيد من محطات تسييل الغاز وتصديره.