21 أكتوبر 2025
تسجيليفترض بالجوائز الخاصة بأدب وكتب وثقافة الطفل أن تكون الأهم من بين الجوائز الثقافية العربية، نظرا لقلّة الأعمال والمشاريع الإبداعية الموجهة إلى هذه الشريحة وأهمية المستهدفين من هذه الأعمال على مستقبل الأمم والأوطان. من أبرز هذه الجوائز المتوفرة هي: جائزة مصر لأدب الطفل، وجائزة الدولة لأدب الطفل (قطر)، وجائزة آنا ليند، وجائزة "اتِّصالات" لكتاب الطفل، وجائزة أدب الطفل في الملتقى الثقافي العراقي، جائزة الشارقة للإبداع (أحد فروعها للطفل)، وجائزة الشيخ زايد للكتاب (فرع أدب الطفل)، وجائزة أنجال الشيخ هزاع بن نهيان لثقافة الطفل العربي، وجائزة عبد الحميد شومان لأدب الطفل (الأردن)، وجائزة أفضل كتاب للطفل العربي، وجائزة الشارقة للإبداع الأدبي، وجائزة مصطفى عزوز (تونس) وغيرها. وتكمن الأهمية الإستراتيجية للجوائز العربية الموجهة لكتاب أو أدب أو ثقافة الطفل، بما يلي: ـ هذه الجوائز تصب بشك مباشر أو غير مباشر في خانة تشجيع المطالعة عند الطفل، وهم أمر مهم لأسباب كثيرة أهمها الإسهام في تعويد الطفل على القراءة والاعتياد على صحبة الكتب والمكتبات ومصادر المعلومات الأخرى باعتبارها مصدر غذاء له لا يقل أهمية على الطعام والشراب، وبالتالي تصبح عادة أصيلة لديه لا ينفّك صاحبها عنها عندما يكبر، وهي مهمة من أجل إشباع النهم المعرفي وتنمية خيال الطفل، وإثراء مفرداته اللغوية وتهذيب أسلوبه وسلامة منطقه، وزرع القيم الأخلاقية وتعزيز السلوكيات الإيجابية، وزيادة قدرته على الاتصال والتواصل والتعبير... ولأن لأطفال هم حصاد المستقبل والجيل الواعد الذي يبني الوطن على أكتافه، فبمقدار ما نبني في شخصية الطفل يكن في الوطن والأمة في قوة ومنعة. ـ الإسهام في ردم الهوة في صناعة كتاب الطفل في العالم العربي سواء على مستوى الكتاب نفسه من حيث جودة المضمون والإخراج والطباعة من جهة، ليكون جاذبا للطفل، خصوصا في ظل البدائل التقنية (الإلكترونية خصوصا) التي تحيط به وتشده إليها بودّ كبير، أو على مستوى تشجيع المؤلفين والرسامين والناشرين لتزويد المكتبة العربية بكتب عصرية راقية في قلبها وقالبها من جهة أخرى. ومعلوم أن الجائزة تخلق روح المنافسة بين أصحاب هذه المهنة وأربابها لإنتاج الأفضل، لأنها تقدّم الحوافر للأجود والأكثر إتقانا، وجذب المزيد من أصحاب المواهب الإبداعية إلى هذه الساحة، وكذلك توفير المنتجات الفائزة لتصل مجانا أو بأسعار رمزية إلى المستهدفين سواء أكانوا من الأطفال أو الناشئة أو اليافعين، أو إلى ذويهم من الأسر، أو إلى الجهات المعنية بهم وذات الصلة بهم كالمدارس والنوادي ومكتبات الأطفال ونوادي الطفولة..وهكذا. ـ إتاحة المجال لإقامة الأنشطة والفعاليات الموجهة للمهتمين بالطفل أو للأطفال أنفسهم كالورش التدريبية، أو المهرجانات الثقافية والترفيهية، ومعارض الصور والرسوم وغيرها، والمسابقات التي تتزامن مع إعلان النتائج للجوائز لإبراز أعمال أصحاب المواهب والإمكانات من الأطفال وتكريم المتميزين منهم. ومعلوم أن هناك فقر لجهة هذه الفعاليات الترفيهية والتربوية،رغم ما يحتاجه الأطفال لملء فراغهم بالنافع والممتع. ـ تبني هذه الجوائز لمؤتمرات علمية، لتبادل الخبرات بين الباحثين وأصحاب الصنعة، وهو ما ينعكس إيجابا على الاهتمام المهني بما يتصل بكتب ومنتجات الطفل.ومعلوم أن كثيرا من كتابات الأطفال هي أقرب إلى كتابات الهواة منها إلى المحترفين، وبعضها قد يسيء للطفل وثقافته وهويته بسبب الجهل وقلة الدراية العملية، ومن هذه المؤتمرات ما أعلنت جائزة الدولة لأدب الطفل بقطر مؤخرا. واقع الحال يشير أن الجوائز الخاصة بالطفولة والأطفال ما تزال قليلة في عددها، وبعضها ضعيفة في حوافزها وتأثيرها..وهو ما يستدعي من الدول ومنظمات المجتمع المدني والهيئات الثقافية العربية، وبيوتات الأموال العربية والشركات التجارية الكبيرة ـ في إطار مسؤولياتهم الاجتماعية ـ الاهتمام بهذه الجوائز، بدعم وتطوير القائم منها، وتأسيس المزيد منها للأسباب التي سقنا ها سابقا.ولأنّ هذه الجوائز موجّهة في الأساس للكبار من الكتّاب والرسامين والمنتجين والمبدعين المهتمين بالطفل وأدبه، فإنه لا يفوتنا في هذا المقام أن نتمنى على القائمين على هذه الجوائز أن يراعوا في الأعوام القادمة وفي إطار تطوير ما يقدم عبرهم تخصيص جائزة أو أكثر للمبدعين من الأطفال والناشئة، وهو ما من شأنه تشجيع أصحاب المواهب والملكات منهم، وحفزهم على تطوير قدراتهم الإبداعية، وزيادة جرعة الأنشطة الثقافية والترفيهية المخصصة لهم في إطار هذه الجوائز نظرا للحاجة الماسة لها، والاهتمام بزيادة طباعة وتوزيع المنتجات الفائزة لتصل إلى أكبر شريحة ممكنة من الأطفال والجهات التي تعنى بهم.