11 سبتمبر 2025
تسجيللماذا يترك المقدسيون وحدهم ليدافعوا عن كرامة الأمتين العربية والإسلامية، انظروا إلى تلك الكرامة التي اختصهم الله بها، إنهم يواجهون بصدورهم، وبأيديهم الفارغة جيشا من العسكر والمتطرفين الإسرائيليين الذين يستبيحون المسجد الأقصى وباحاته، والتعدي على المصلين فيه متى شاءوا، وإدخال أفواج سياحية تمارس فجورها في باحاته بشكل مستفز، ثم لا يجدون من أمة العرب سوى قذائف كلامية وشتائم، وتلويح وتلميح وتصريح من هنا وهناك، ثم لا تجرؤ أي دولة عربية على اتخاذ أي إجراء فعلي ضد إسرائيل، عار المواقف تتوالد، والأقصى عار لا كسوة له عندنا. المقدسيون يزدادون عزّة رغم ما يذوقونه من بؤس العيش، والقهر اليومي، وهم يرون بطون العرب لا تتخم من المليارات أو الترليونات، ولو أن الأموال التي أنفقت على التسليح الذي انتهت صلاحية مواده دون تجريب حتى، توجه إلى أهل القدس لشراء بيوتهم أو لدعم صمود هم، لكفاهم فرض العين عن الجهاد المقدس لتحرير مسجدنا الأقصى وكنيستنا المهد، وأعاد جزءا من كرامة العرب التي أهدرت سنين طويلة. نحن العرب أوجعنا رؤوس العالم بالشهامة والكرامة والكرم العربي، فيما الكرامة ديست بأحذية الصهاينة في باحات المسجد الأقصى، ثم لا تنتفض كرامتنا إلا ضد بعضنا البعض، ضد أشقائنا أو جيراننا، أو أهل قريتنا، نتقاتل على أتفه سبب، ولا نذرف دمعة على ما يجري في أولى القبلتين وثالث الحرمين. ها نحن لا نزال نتحدث عن ثوراتنا في سبيل الحقوق المدنية ودستورية والحريات، والعيش المحترم، أي عيش محترم، والدم العربي والمسلم في كل بقعة لا تتعدى قيمته "بصقة" عند من يدعون بأنهم قادة العالم الحرّ، فيخطبون ودّ العدو الصهيوني في كل شاردة وواردة، ثم هاهم العرب في كل أودية الملذات يتيهون، وقادة تنظيمات الإصلاح يمشطون ينعمون ذقونهم كل يوم طمعا بالسلطة، وأهل السلطة عن أقدس واجباتهم قاعسون بل ناكصون، وقيادة الأسد "المقاومة " لإسرائيل لا تزال تثخن في قتل الشعب حتى اليوم، ولم يطلق على أرض الجولان المحتلة رصاصة واحدة منذ أربعين عاما وأكثر. ما جرى في باحات الأقصى مؤخرا هو امتحان لكرامة العرب، ولعنوان مسيرتهم الإصلاحية، ولثوراتهم الشعبية، وليس هناك في أرض العرب الحاملة للملح الأسود حتى الذهب الأسود أقدس من بقعة في فلسطين تحمل المسجد الأقصى وكنيسة المهد، ولم يبق في هذه الملايين سوى بضعة مئات يقاتلون بصدورهم على باب الأقصى كل يوم، ثم يعتقل مفتي القدس الشيخ محمد حسين ولا نسمع سوى الشجب والاستنكار الذي بات ممجوجا، ويدعو للسخرية التي يتوقعها الإسرائيليون دائما بضحكة ساخرة. القدس تمر في أخطر مراحل وجودها العربي الإسلامي، بل تعدى الخطر خطوطه الحمراء، لأن الحفريات والتسلل الأرضي تجاوز حدوده من قبل سلطة الاحتلال دون وازع ولا رادع، وقادة العرب لا يملكون من أمرهم شيئا في ظل حكومة البطل الصهيوني رغم أنه يعاني داخليا من أزمات متفجرة، ولكنهم رغم ذلك لا يتوانون عن استهداف أي هدف قد يشكل خطرا عليهم، فتقصفه طائراتهم وصواريخهم دون إنذار ولا اعتذار، ولا إحاطة أحد بعلم، ولن يكون آخرها عملية ريف دمشق، ونحن وبحفظ الله نائمون. لم تغير ثورات العرب على أنظمتها شيئا للأسف، فمنذ انقلابات القرن الماضي حتى اليوم لم يتغير شيء، ولم تأت الكرامة الحقيقية، لأن لا أحدا يبحث عن سبيل القوة والعلم والصناعات الحربية وتدعيم قوة الجيوش، ولا تربية الأسرة تربية قومية ولا حتى إسلامية صحيحة، الجميع يلهث وراء آخر ما توصل إليه خبراء التجميل، وصناعة الغذاء، والألبسة وعالم الاتصالات وصناعة السينما وبرامج الإلهاء التلفزيوني التربوي الجديد للنشء الذي يتناسخ بلا هدف، وكلما ثار شعب على نظامه كرّس قدسية "القُطريّة الوطنيّة" والشوفينية، لوطن لا يرون أجمل منه في الكون حسب فهمهم المحدود، وتركوا العروبة والتاريخ الواحد تذهب هباء تحت نعال الثائرين. عندما حارب جنودنا ومجاهدونا البدو في " اللطرون وباب الواد" في أولى حروب فلسطين، لم يكن خلفهم مصانع الحديد والأسمنت والصناعات البلاستيكية وأسهما في السوق المالي، وملايين تنتظرهم عند الحاجة في البنوك، بل كانوا يحملون رجولة الرجال ودعاء النساء الكريمات لهم بالنصر، وشجاعة الفرسان التي أصبحت في متحف التاريخ، ولو أن تلك الكوكبة من أبطالنا أو من أهل فلسطين والقدس الذين لا تعنيهم سلطة رام الله ولا حماس غزة ولا قادة وحكومات العرب جميعهم، لو أن لهم من القوة ما يمنعهم من الصهاينة العتاة، لما شهدنا كل هذه السوق التجارية السياسية التي تاجرت باسم فلسطين وأهلها الذين يقتلون هناك كل يوم، ونحن نقتل كل يوم على موائدنا من التخمة، لقد آن الأوان أن تتحول ثورات العرب نحو الاحتلال الصهيوني في فلسطين، حينها سيقف الله معنا لنتخلص من كل تلك المصائب التي ورثناها.