13 سبتمبر 2025
تسجيلفي دائرة حياتنا ومع مرور الوقت، ومع الالتقاء ببعض الأصدقاء القدامى وتذكر بعض المواقف والذكريات الماضية، ومع متابعة بعض أحاديث الأمس الجميل من خلال بعض البرامج، أو مع أغنية قديمة من أغاني الماضي يعيد سماعها لآذاننا في لحظة ذكريات الأمس الجميلة، نجد أنفسنا ونحن نردد كثيرا عنها أيضا بأنها أيام الزمن الجميل..وما أروع أيام الزمن الجميل التي ذهبت ولن تعود. كنت منشغلة بترتيب بعض الأوراق حين توقفت لوهلة ورددت هذه الجملة بينما كانت تبث على شاشة إحدى القنوات أغنية للراحلة أم كلثوم. فهل الحقيقة اننا عندما نردد ونتمنى عودة ذلك الزمن الجميل لأننا نريد أن نعيشه بحذافيره، أم اننا نعني بذلك أشياء أخرى؟. لا شك أننا عندما ننعته بالزمن الجميل فنحن في الواقع لا نعني العودة للعيش في نفس بيوتنا القديمة، أو استخدامنا لبعض أدواتنا القديمة آنذاك، فلا شك أن الوقت وازدهار الحياة جعلنا نعيش الأفضل والأنسب لحياتنا اليوم، وإن كانت نظرتنا لتلك البيوت وتلك الحياة نظرة فخر واعتزاز كجزء لا يتجزأ من ماضينا، لكننا لو خيرنا بأن نعيش في نفس ظروف بيوتنا القديمة والعودة لحياة فيها كثير من المشقة، لما اخترنا ذلك، لكنه في الواقع هو الحنين إلى روح الإنسان في تلك الأيام، وبساطة نفسه، ورقي ذوقه. إن ما فقدناه هي أشياء جميلة كثيرة ارتبطت بذلك الزمن، فكثيرا ما تستعرض ذاكرتي بعض المواقف لبساطة ذلك الوقت حين كان الجيران يجودون بالقليل من القليل الذي لديهم كي يشاركوا بعضهم البعض، ولا أنسى جارتنا العجوز التي كانت تقول إن الحب في الجود بالقليل من كل شيء لدينا نشارك به من نحبهم، وليس الكثير دليل الحب أبدا، كان جمال المشاعر في تلك الأيام يختلف تماما عن اليوم، فهناك اليوم من يجود بالكثير الكثير الخالي من مشاعر الحب والمليء بالرياء والاهتمام بالمظهر. وكانت رسائل الزمن الجميل مختلفة تماما عن رسائل اليوم فقد كنت وأنا صغيرة أكتب لجارتنا العربية رسائل كثيرة لترسلها لأهلها، ما زلت أذكر الكثير من كلمات الحب والشوق المعبرة فيها، والمختلطة بدموع حارة صادقة وهي تملي علي ما تود كتابته، فقد كانت كلمات الشوق والحب عميقة وغالية ونابعة من القلب، وأصبحت اليوم كثيرة ورخيصة ومشاعة للجميع وبعيدة كثيرا عن صدق المشاعر. وأما نفوس الزمن الجميل فقد كانت مختلفة تماما في نقائها وعفويتها وصدقها، وقد كان اجتماع الأصدقاء والجيران آنذاك علاجا لأي نفس متعبة حين لا يترددون في إلقاء همومهم وأحزانهم، ومواساتهم بعضهم لبعض، مجردين من الكثير من أساليب المجاملات، أما اليوم فما أكثر النفوس البلاستيكية التي لا تفقه من أمر المشاركة وصدق المشاعر شيئا. حتى أذواق الناس وإحساسهم بالكلمة كان جميلا، ومختلفا، في وقت كان الناس يتذوقون فيه الفن أكثر مما ينظرون إلى الشكل والمظهر، حين اشتهرت الكفيفة لأنهم نظروا إلى فنها وعطائها وموهبتها، بينما اليوم فقد اختلفت كثيرا مقاييس الفن والموهبة والعطاء!! لا شك ان ما كان يميز الزمن الجميل، هو جمال النفوس، وجمال الذوق، جمال البساطة، وجمال المشاعر. فهل يعود كل ما كان يميز الزمن الجميل،؟ كتبت هذه الكلمات الأخيرة بينما كانت سيدة الغناء تصدح في المقطع الأخير، وكأنها ترد على سؤالي.. (وعايزنا نرجع زي زمان..قول للزمان إرجع يا زمان)..