16 سبتمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد القطري بعد المونديال

14 أبريل 2024

هناك دائمًا خطر يتمثل في ألا تقدم استضافة البطولات الكبرى سوى دفعة اقتصادية قصيرة الأجل للدولة المستضيفة. وتقضي الدول سنوات في الاستعداد لاستضافة بطولة تستمر لبضعة أسابيع. وفي حالات قليلة، لا يكون لبعض البنى التحتية غرض طويل المدى يتجاوز أمد استضافة تلك البطولات. ولم تشهد بطولة كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في قطر خلال شهري نوفمبر وديسمبر من عام 2022 هذه المشكلة. فقد امتد الاستثمار الكبير في مشاريع البنية التحتية خلال السنوات التي سبقت استضافة قطر للبطولة إلى ما هو أبعد من بناء الملاعب ووسائل النقل ومرافق الإقامة المخصصة لاستضافة البطولة نفسها. وكانت النتيجة هي توافر بنية تحتية حديثة مناسبة لدعم النمو الاقتصادي في مجموعة من القطاعات التكنولوجية والخدمية. وقد أبرز تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي في شهر فبراير الماضي بشكل مستقل الفوائد طويلة الأمد التي ترتبت على استضافة قطر لمونديال كرة القدم. وكان إجمالي المبالغ المخصصة للاستثمار في مشاريع البنية الأساسية على مدى العقد الماضي في حدود 200 إلى 300 مليار دولار. ومن أصل هذا المبلغ، تم إنفاق حوالي 6.5 مليار دولار على بناء الملاعب، وهي نسبة منخفضة نسبيًا. وشهد الاستثمار نموًا بمعدل 6% سنويًا خلال الفترة من عام 2011 إلى عام 2022، ليصل إلى نسبة 9% قبل انتشار جائحة كوفيد-19. ويقيس التقرير الأثر الاقتصادي للبطولة، مع الإشارة إلى معيار كوريا الجنوبية، التي شاركت في استضافة كأس العالم عام 2002. وفي قطر، بلغ التأثير الاقتصادي للبطولة حوالي 1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنةً بنسبة 0.2% لمونديال كوريا الجنوبية. وبما أن قطر دولة أصغر حجمًا من كوريا الجنوبية، كان هذا أمرًا متوقعًا. وعلاوة على ذلك، شاركت كوريا الجنوبية في استضافة بطولة عام 2002 مع اليابان، لذلك فإنها لم تستضف جميع المباريات. وكانت هناك بعض المؤشرات على زيادة العرض و/أو ارتفاع معدلات توافر الغرف الفندقية خلال مونديال قطر، حيث بلغت مستويات إشغال الفنادق 59%. من المؤشرات المثيرة للاهتمام التي وردت في تقرير صندوق النقد الدولي إدراج بيانات السطوع أثناء الليل، والتي سُجلت أحيانًا لتكملة إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي الرسمية. ويؤكد ذلك على وجود نمط من النشاط الاقتصادي الإضافي الكبير خلال فترة استضافة قطر لمونديال كرة القدم. والأمر الأكثر تشجيعًا هو تأكيد التقرير على أن تلك الاستثمارات تساعد في تعزيز جهود التنويع الاقتصادي على المدى الطويل. ويستشهد التقرير ببحث أكاديمي يظهر أن الاستثمارات المتزايدة في مشاريع البنية التحتية بمنطقة الخليج تساعد في تحقيق نمو متناسب في النشاط الاقتصادي غير النفطي. ورغم أن هذه نقطة أكاديمية، يشير التقرير أيضًا إلى أن النمو الفعلي غير النفطي في قطر كان إيجابيًا بشكل مطرد طوال العقد الماضي. ومن بين الأمثلة على ذلك القطاع السياحي، وهو مجال من مجالات التنمية الاقتصادية التي تحظى بالأولوية من دولة قطر. ويشير صندوق النقد الدولي إلى أن البلاد شهدت استقبال حوالي 200 ألف زائر شهريًا في الفترة من نوفمبر إلى ديسمبر 2019، وأن هذا العدد قد ارتفع إلى مليون زائر في أواخر عام 2022 أثناء استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم، لينخفض منذ ذلك الحين ولكن بشكل طفيف إلى 700 ألف في أوائل عام 2024، وهو رقم مثير للإعجاب تحقق بعد مرور أكثر من عام على انتهاء منافسات البطولة. كما ذكرت وكالة الأنباء القطرية أن البلاد استقبلت 4 ملايين زائر في عام 2023. وتشير هذه الأرقام إلى أن وضع قطر العام باعتبارها وجهة سياحية قد حاز على دفعة مستدامة في جميع أنحاء العالم. وبالإضافة إلى ذلك، استضافت قطر كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم وبطولة العالم للألعاب المائية و سباق الفورمولا 1. وتخطط لاستضافة بطولات رياضية أخرى. وهناك أيضًا مهرجانات للأغذية ومهرجانات تجارية وثقافية في عام 2024، بما في ذلك معرض فني للمقتنيات المستعارة من متحف متروبوليتان في نيويورك. وقد شهد شهر فبراير الماضي انعقاد مهرجان قطر الدولي للأغذية وقمة الويب، وهي أكبر مؤتمر تكنولوجي في العالم، أقيم للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط. وكان هذا دائمًا جزءًا من خطة أوسع لتوظيف هذه الفعاليات ضمن برنامج التنويع الاقتصادي، لتتجاوز دورها المحدد باعتبارها مجرد حدث في حد ذاته.