08 أكتوبر 2025

تسجيل

ماذا فعلت بهم يا شيتي؟!

14 أبريل 2020

عندما سقطت العاصمة الفرنسية "باريس" بيد النازيين عام 1940، زار هتلر قبر نابليون بونابرت وانحنى له بكل احترام قائلاً له: "عزيزي نابليون سامحني لأني هزمت بلدك، لكن يجب أن تعرف أن شعبك كان مشغولاً بقياس أزياء النساء بينما شعبي كان مشغولاً بقياس فوهات المدافع". وبعيداً عن المقارنة ووجه الاختلاف في الزمان والمكان إلا أنه لابد لنا أن نستخلص من هذه القصة عبراً، ولو استدللنا بذلك من شخصية قائد دموي أدخل العالم كله في حرب دامية لسنوات ونتج عنها ملايين القتلى والمفقودين والجرحى إلا أن الحكمة أحياناً تنطق بها ألسنة الطغاة والديكتاتوريين على مرّ التاريخ. ولعل المشهد يحدث الآن أمامنا ولكن بطريقة دراماتيكية أشبه باحتلال أو غزو يطول بلداً ما فيصبح كالسيل العرم يدمر كل ما يمر عليه وتموت الأرض ويجوع السكان وينهار بذلك كيان هذه الدولة، وهو ما يتمثل في الاقتصاد الذي يعد هو عصب أي دولة وشريانها ولا تنهض وتقوى شوكتها إلا بتعاظم اقتصادها ونموه وصلابته. ومن الدول الناشئة التي قامت على هذا الأساس وتوحدت كياناتها تحت ظل اتحاد واحد هي الإمارات العربية المتحدة وشكّلت دبي بالنسبة لها شريانها الاقتصادي وعمودها الفقري، فتوجهت للعمل على استقطاب رؤوس الأموال من كافة أنحاء العالم لتجعل من نفسها سنغافورة العرب كما يحلو للبعض تسميتها، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه أهواء صنّاع القرار في دبي وأبوظبي بعد تعرضها للعديد من الأزمات الاقتصادية، وآخرها تلك التي تعرضت لها بنوكها العملاقة في واحدة من أكبر الكوارث البنكية في تاريخ الإمارات على يد رجل الأعمال الهندي بي آر شيتي الذي كرّمه في وقت سابق ولي العهد محمد بن زايد بتقليده وسام أبوظبي، وأصبح أبرز الوجوه التي تروّج للاستثمار في أبوظبي واختارته وجهاً دعائياً لها. كان رجل الأعمال الهندي شيتي من ضمن الذين جندتهم الإمارات ضمن حملتهم المسعورة هم وحلفاؤهم الباقون ضد قطر، فوظّف شيتي شركته فينابلر التي تمتلك عدداً من شركات المصارف من ضمنها الإمارات للصرافة ووترافلكس التي استخدمتها الإمارات لضرب الريال القطري في بداية أزمتهم مع قطر وحصارهم لها حيث رفضت كل الصرافات التابعة لها التعامل بالريال القطري، وكأن هذه الأعمال الدنيئة التي فعلها من أجل حربهم الظالمة على قطر هي عربون ولائه لهم وثقتهم المطلقة به، حتى جاء اليوم الذي ينقلب فيه السحر على الساحر فلم تكد الإمارات تغفو من كوابيس أزمتها الاقتصادية الخانقة التي ولدتها حربهم ضد اليمن وتدخلهم في ليبيا ومصر وعربدتهم في الشرق والغرب من أجل تأسيس امبراطوريتهم المحمولة على ساقي دجاجة حتى جاءتها قاصمة الظهر التي لم تكن في الحسبان في عملية احتيال عظمى جففت أرصدة بنوكها العملاقة في أبوظبي ودبي وعلى يد من ظنّت أن ولاءه لها ولنهضتها واقتصادها سيدوم إلى الأبد!! القصة لم تقف عند العملية الاحتيالية التي قام بها شيتي وإنما أظهرت مستوى تعاظم الفساد على مستوى عال في بنوك ومؤسسات الإمارات والتي ساهمت أطراف نافذة فيها في تسهيل هذه العملية، وبالتالي يعكس هذا مدى وهن الاقتصاد الإماراتي وأنه من السهل اختراقه من الخارج بمساعدة أعوانهم في الداخل بغياب الرقابة المالية والأمنية!! فسبحان من جعل كيد الكائدين والمتربصين بقطر يرتد إليهم ويجعلنا نحن الذين سُلّطت علينا سهامهم الغادرة نرى بأم أعيننا كيف هو وقع المصائب وهي تنهال عليهم من كل صوب وحدب وكل مؤامراتهم ودسائسهم تُحيط بهم وترسم نهاية غير مؤسفة لبطرهم وتكبرهم!!. فاصلة أخيرة دولة الكابتشينو والتاريخ الذي يعود لأكثر من 125 ألف سنة وعنترة بن شداد واللهجة التي ذُكرت في القرآن تبكي حسرة على ما فعله بها رجل هندي، وفي النهاية يقول لهم بلغة استفزازية وساخرة: شكراً للإمارات !! اللهم لا شماتة. [email protected]