10 سبتمبر 2025

تسجيل

وزير الداخلية .. أسلوب عمل

14 أبريل 2019

معالي وزير الداخلية حقق الكثير في حين أن هناك من الوزراء مَن لا يعرف من الوزارة سوى مكتبه   من واقع متابعتي لما ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن واقع اختلاطي بالناس، ما بين مواطن ومقيم، أجد الجميع يمدح تنفيذ الأعمال بوزارة الداخلية، وكيف تطورت عملية تقديم الخدمات للجمهور. فإصدار الجواز، على سبيل المثال لا الحصر، كان يتطلب، في السابق، عدة أيام، وأما الآن فإن إصدار الجواز لا يتطلب سوى بضع دقائق فقط. فكيف حدث ذلك؟ قمت بالبحث الدقيق في خطط وزارة الداخلية ومنهجها في تطوير الأعمال ومع قلة البيانات وتوجه العديد من مدراء الإدارات بعدم الرغبة في التحدث عن إنجازاتهم خرجت بهذا المقال الذي يسطر الإبداع في العمل. وليكن معلوماً أن هذا المقال ليس القصد منه مدح معالي الوزير، مع أنه فعلاً يستحق ذلك على ما أنجزه، ولكن القصد منه أن يكون مؤشراً على ما يستطيع أي وزير أن يقوم به إذا آمن بالعمل المكلف به. عندما استلم معالي وزير الداخلية مهام عمله، في فبراير 2005، بدأ يقيم مستوى أداء كل إدارة من الإدارات، وبخاصة تلك الإدارات المرتبطة بتقديم خدمات مباشرة للمواطنين والمقيمين والزوار. وفي البداية ركز معاليه على معرفة مستويات القوى العاملة في الوزارة لأنهم ببساطة هم الركيزة الأساسية لتنفيذ ما قد يطرأ من إستراتيجيات وخطط قادمة. فقام، كما أعتقد، بتصنيف القوى العاملة إلى ثلاثة أصناف: 1. المبدع وهو الذي يسعى إلى الابتكار والتغيير وهؤلاء أوكل إليهم قيادة التغيير من وضع الخطط ومتابعتها وجعل من بعضهم مدراء إدارات والبعض الآخر رؤساء أقسام. 2. المثالي وهو الذي لم يصل إلى مرحلة الإبداع ولكنه يسعى إلى المعرفة والإتقان ويحتاج إلى المزيد من التدريب والتطوير وجعل من هؤلاء منفذين للخطط. 3. العادي وهو الموظف الذي يطبق اللوائح بكل دقة وإخلاص ويقوم بتنفيذ جميع التعليمات كما صدرت له. ولأن المرحلة القادمة حساسة فقام بدعم الوزارة بقوى عاملة نوعية تستطيع التأقلم مع ما قد يطرأ من تطوير وتحسين. وبحسه الأمني عرف أن توفر المعلومة الصحيحة، وانتقالها السريع بين الإدارات المختلفة بالوزارة ستخدم الأهداف التي يسعى لها، فقام بالاهتمام بإدارة تكنولوجيا المعلومات، وزودها بالأجهزة الحديثة، وعمل على دعمها بالفريق الفني المناسب. وبعد المرحلة الأولى من تحليل الوضع وتحديد نقاط القوة، ونقاط الضعف، انتقل إلى المرحلة الثانية وهي تحديد أولويات الوزارة. فقام بالاجتماع مع قيادات الوزارة وبعض منتسبيها لمعرفة التوجهات المستقبلية، وأهم التحديات التي يمكن أن تواجههم، وكيفية التعامل معها. وبعد عصف فكري عميق امتد لبضعة أشهر، أتت المرحلة الثالثة وهي صياغة الإطار العام للإستراتيجية القابلة للتنفيذ، والتي تبلور عنها عدة أهداف تخص كل إدارة على حدة. وفي المرحلة الرابعة طلب من كل إدارة وضع المخططات اللازمة للوصول إلى الهدف المطلوب، مع تقديم عروض دورية (على الأقل مرتين في السنة) تبين ما تم إنجازه، والمعوقات لما لم يتم إنجازه والخطوات القادمة. فكان يعزز ما تم إنجازه، ويقوم بحل أي مشكلة تعيق تقدم العمل. وكما يقولون في علم الإدارة "ما لا يمكن وصفه لا يمكن قياسه، وما لا يمكن قياسه لا يمكن إدارته، وما لا يمكن إدارته لا يمكن تطويره"، فلهذا قام في المرحلة الخامسة بالمتابعة والتقييم بإنشاء وحدات إدارية ولجان خاصة تعنى بجمع وتحليل البيانات والإحصاءات، ومتابعة الخطط التنفيذية، وطلب منهم تزويده بتقارير ربع سنوية عن تقدم أنشطة كل إدارة. ولم يكتف معاليه بذلك بل قام بزيارات مفاجئة لكل الإدارات للتأكد من أن التقارير التي تصله صحيحة وتعكس الوضع القائم. ولضمان التفوق في الأداء قام بإدخال ما يعرف "بالمراجع السري"، وهو تكليف أحد الأفراد ليقوم بإنهاء معاملة حقيقية بصفته الشخصية. وكان هذا المراجع السري يقوم بتسجيل كل خطوة في إنهاء معاملته، من تقديم المعاملة حتى استلامها. ويشمل التقرير الوقت، وطريقة تعامل الموظف مع المراجع، ومن ثم يرفع تقريره إلى الجهة المختصة بإدارة التخطيط والجودة. والحمد لله استطاعت وزارة الداخلية، في وقت قصير جداً، الحصول على مراكز متقدمة جداً في المؤشرات العالمية التي تهتم بالاستقرار الأمني والسلامة. كل هذا التقدم في الأداء نتج عنه سرعة الاستجابة مع الأحداث والحوادث، مما أدى إلى خفض معدلات الجريمة، وخفض معدل وفيات الحوادث المرورية. والآن أصبحت وزارة الداخلية هي الوزارة الوحيدة التي تقدم أكثر من 400 خدمة إلكترونية مباشرة، أو عن طريق مراكز الخدمات التي وصلت لحوالي 20 مركزاً في جميع مناطق قطر. طبعاً فإن تطور هذه الخدمات جعلت مؤشر رضا الناس عن خدمات الوزارة يقترب من 90 % من المتعاملين معها. إن معالي وزير الداخلية نجح في مسعاه في تطوير وزارته لأنه بنى توجهاته على خطط من الممكن تحقيقها، واعتمد، بعد الله، على القوة البشرية الذاتية المتوفرة في الوزارة، وبالأخص القطرية منها. وكان يؤمن بالعمل الجماعي فحفز كل إدارة بإنشاء فرق عمل. وكان يدعم هذه الفرق، ويحثهم على التعاون والتنسيق لتحقيق الأهداف. وكان حازماً مع الموظفين في تنفيذ العمل فتارة يستخدم الدعم المعنوي، وأخرى الدعم المادي، أما الأشخاص المتهاونون في العمل فكان يبعدهم عن مسار العمل التطويري حتى يضمن السير السلس في التنفيذ. وكان أهم شيء في نظر معاليه هو الرقابة الشخصية على مجريات الأمور، تارة بالزيارات الميدانية المخطط لها، أو تلك المفاجئة منها، وتارة أخرى عن طريق المراجع السري، حتى التقارير التي تصله من مدراء الإدارات يقوم بفحصها ويسأل عن كل حرف كتب فيها. وفي الختام نقول إنه في قدرة أي شخص التميز في الأداء، ولكن هذا لا يتحقق دون توفر الرغبة الصادقة للتطوير والتحسين. إن على الجهات الحكومية أن تبادر بوضع إستراتيجياتها، القابلة للتنفيذ، وبذل المزيد من الجهد في عمل تلاحم بين الإدارة والموظفين بدلاً من خلق الكثير من المشاكل الإدارية المتنوعة بسبب عدم اتصال الرأس بالجسد. إنه من المهم توحيد جهود جميع الإدارات والعاملين نحو هدف كبير موحد. ونقول للبعض من المسؤولين بأن تحسين أداء أي جهة لم يعد أمراً اختيارياً بل أصبح شرطاً أساسياً لإحداث تغيرات كبيرة في طرق وأساليب ونتائج العمل. وفي ختام الختام نقول لمعاليه شكراً جزيلاً على ما قدمته من جهد كبير في سبيل تطوير العمل لصالح البلاد والعباد. والله من وراء القصد [email protected]