17 سبتمبر 2025

تسجيل

سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني كان في إفريقيا

14 أبريل 2017

تعد زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى خطوة في الطريق الصحيح نحو إفريقيا، هذه القارة المهمة بالنسبة للعرب عامة والخليج العربي بصفة خاصة، وأهميتها تكمن في أنها المجال الحيوي للعرب، ومخزن الثروات بكل أنواعها، التي في حاجة إلى استثمار تلك الموارد الطبيعية. (2) ما إن نزلت قدما سمو الأمير على أرض إثيوبيا، إلا وانفتحت شهية إعلام الجنرال عبد الفتاح السيسي في القاهرة لمهاجمة الزيارة الأميرية لجمهورية إثيوبيا، بل كل الزيارة التي اشتملت على بعض دول القرن الإفريقي كينيا وإثيوبيا. نحن نعرف أن هناك إشكالا بين جمهورية مصر العربية وجمهورية إثيوبيا على سد النهضة، الذي يقام على منابع نهر النيل في الأراضي الإثيوبية، الأمر الذي سيلحق بمصر أضرارا كبيرة؛ إذا قل نصيبها من المورد المائي الذي ينصب من الهضبة الإثيوبية ليسقي السودان ومصر. يذهب صحفيو الطبلة والمزمار في القاهرة إلى حد القول إن هناك مؤامرة تحاك ضد مصر العزيزة.لن ندخل في جدل الإعلام المصري وما يقوله عنا، ولكن كان بودي أن توظف زيارة سمو الأمير تميم بن حمد، وذلك بالاتصال بالقيادة القطرية ووضعها فيما يجري من إنشاءات في أعالي النيل على الأراضي الإثيوبية، الأمر الذي يؤثر على موارد مصر المائية، وتطلب منا استعمال مكانة قطر وسمعتها في التوسط لحل الأزمات، ومنها الأزمة بين إثيوبيا ومصر، بدلا من المهاترات الإعلامية التي لن تجدي نفعا. (3) تعد إثيوبيا من أهم الدول الإفريقية، إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من 75 مليون نسمة، منهم 48 مليون مسلم، أي ما نسبته تتراوح بين (65 ـــــ 55 %) . ومع الأسف فإن معظم الدول العربية لا تولي هذه الدولة الاهتمام الذي يليق بمكانتها، والحق أن العرب لهم علاقات بإثيوبيا منذ فجر الإسلام، فأول هجرة عربية خرجت من مكة مع بزوغ فجر الإسلام ذهبت إلى الحبشة (إثيوبيا اليوم). إيران لا تكل ولا تمل من التوسع في كل الاتجاهات لتبني إمبراطوريتها الفارسية التي أفلت منذ قرون من الزمن. وزير الخارجية الإيراني الأسبق كمال خرازي قام بزيارة إلى أديس عام 2002 وفي سنة لاحقة زارها وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي والتقى الأول والثاني بكل القيادات الإثيوبية. وقدم الأول لوزارة الخارجية في أديس ثمانية باصات كبيرة هدية لوزارة الخارجية الإثيوبية من الحكومة الإيرانية. هناك تغلغل ديني مذهبي، فقد أسست مراكز ثقافية تقوم هذه المراكز بالدعوة والتبشير بالمذهب الشيعي وإغراء الناس أصحاب الحاجة باعتناق المذهب الشيعي. كما تعمل إيران عن طريق مكاتبها الثقافية وبعون من وزارة الخارجية في طهران على افتتاح قسم للغة الفارسية بجامعة أديس أبابا، وهي الأكبر بين الجامعات في الحبشة، والتي يبلغ عدد طلابها أكثر من 70 ألف طالب وطالبة. السؤال الذي يطرح نفسه: أين العرب من هذا الحراك الإيراني في القرن الإفريقي وإفريقيا على العموم؟تشير التقارير الصادرة عن زيارة سمو الأمير تميم، وقد سبقه إلى المنطقة سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة، إلى أنه تناول في زيارته الميمونة الكثير من القضايا، منها ما يختص بالعلاقات الثنائية بين الدولتين إثيوبيا ودولة قطر، وما يتعلق بالقضايا العربية والدولية، ووقع على اتفاقيات تعاون في كل الحقول، والدعوة مفتوحة لكل الدول العربية لتقوية العلاقات مع الجار الإفريقي وتكثيف التواجد العربي لكيلا نجعل الساحة الإفريقية لإيران تعبث بها كيفما شاءت. وفي هذه الزيارة أمر سموه بإنشاء محفظة قروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة لخلق فرص عمل للشباب الإثيوبي، كما أمر بتمويل وبناء مستشفى متخصص لعلاج الكلى؛ نظرا لحاجة البلاد لمثل هذا المشروع الإنساني. (4) جمهورية جنوب إفريقيا (بريتوريا) المحطة الأخيرة لسمو الأمير، تعتبر من أهم الدول الإفريقية لموقعها الجغرافي ومكانتها الاقتصادية. ولا شك في أن هناك تماثلا بين الشعب الفلسطيني المقاوم للنظام الصهيوني العنصري الأبيض، الذي احتل فلسطين وشرد أهلها واستبد بخيراتها، وشعب جنوب إفريقيا في سيرته النضالية. لقد حظيت قضايا الشرق الأوسط المشتعلة في هذا الزمن، ومنها القضية الفلسطينية وأوضاع ليبيا الشقيقة وسورية الحبيبة واليمن الشقيق، بالاهتمام الكبير خلال الزيارة. وتعد جنوب إفريقيا الأكبر والأكثر تطورا بين كل الدول الإفريقية، فسكان البلاد يقدرون بـ54 مليون نسمة، وثروة حيوانية ضخمة تقارب 30 مليون رأس من الماشية، وثروة زراعية منها على سبيل المثال القمح والذرة والقطن والفواكه، ووفرة في المعادن، يأتي على رأسها الذهب. وقد احتلت المركز الأول في الإنتاج العالمي لليورانيوم والألماس ومعادن أخرى لم تستثمر بعد. وفي هذا الإطار تم التوقيع على عدد من المشاريع الاقتصادية بين الدولتين؛ بهدف رفع مستوى التبادل التجاري بين البلدين لأكثر من مليار دولار أمريكي بحلول عام 2020. (5) الدولة التي زارها سمو الأمير تميم في الأسبوع الماضي، إلى جانب جنوب إفريقيا وإثيوبيا، كانت كينيا التي نالت استقلالها عام 1963، وتعتبر من أجمل البلدان الإفريقية من حيث الطبيعة والثروة الحيوانية، وتعتبر بوابة شرق إفريقيا وهي من أهم الدول المرشحة لقيادة شرق إفريقيا في المستقبل القريب، ويبلغ عدد سكانها 36 مليون نسمة.إيران أدركت أهمية دولة كينيا الجغرافية ومكانتها في شرق إفريقيا، فأسست مركزا لرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية الإيرانية. وينظم هذا المركز بشكل أسبوعي نشاطا ثقافيا تشييعيا لرواد هذا المنتدى. الملاحظ أن إيران ترمي بكل ثقلها تحت شعار الثقافة من أجل الهيمنة على عقل الأميين والكثير من الشباب ليكونوا سندا لإيران في المستقبل. يأتي هذا في ظل تجاهل أو تباطؤ عربي لمكانة دولة كينيا. لا جدال عندي بأن القيادة السياسية القطرية أدركت تلك الأهمية لهذه الدولة، فكانت زيارة سمو الأمير تميم التي أتت لتدعيم التواصل والتبادل الثقافي والاقتصادي. وتعتبر زيارة سمو الأمير تتويجا لزيارة الرئيس الكيني للدوحة في العام المنصرم، وفي هذه الزيارة تم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الاقتصادية بين رجال الأعمال القطريين والكينيين. آخر القول: نتمنى من الدول العربية الاهتمام بإفريقيا لتكون سندا لنا في كل قضايانا العادلة.