11 سبتمبر 2025

تسجيل

سوق الوكرة دون خسائر في الأرواح

14 أبريل 2015

هتفت أخت لي وهي مزهوة ومعجبة بمشروع سوق سيف مدينة الوكرة القديمة التراثي وإبداعات مقاهيه وهي تشيد متندّرة في ذات الوقت:"مشروع المدينة التراثية وسوقها مشروع خيالي ورائع وواعد، ولكن يبدو انه مشروع سمنة مفرطة قادمة لأهل الوكرة وسيّاح قطر" .ضحكنا معاً على تعليقها الساخر والواقعي في آن واحد، وأنا اعلم أنها من كبار رواد السفر والمدن العالمية ومن ذويقي المقاهي فيها، ولكنها رياضية بالدرجة الأولى إذ تطرقها مشيا رائعا، وقد أخذتني يوما ما بقدمينا — كوني أحب المشي مثلها — من مقاهي روما القديمة في "رو دي كوندوتي" إلى "الفاتيكان" مشيا على الأقدام نذرعها ذهابا وإيابا. ولعل الشيء بالشيء يذكر، فالمقاهي الجميلة على سِيف الوكرة تبهرك باغراءات لا تقاوم، ولكن لم تزامنها مترادفات بنى تحتيّة تحفظ أرواح السكان ومرتاديها والمارّة من خطر عبور الطرق العامة ومغبّة الدهس التي تمثل مدخلها الوحيد في الوكرة، فضلا عن دورها في تشجيع السكان والزوار والسياح على مفهوم تسعى له الرؤية الوطنية للقيادة الحكيمة وهو ممارسة الرياضة التي جُعل لها في قطر يوم خاص، نأمل ان يكون تكامليا في المشاريع والتنفيذ لا "يوم يتيم" فحسب ، الامر الذي يشجع الناس على المشي من بيوتهم لقطع الشارع العام للوصول للبحر وغيره من الطرق بانسيابية تامة.المشروع رااااائع والمثل العربي: "قطعت جهيزة قول كل خطيب " ينطبق على الرؤية السديدة للقيادة الحكيمة في إحياء الروح التراثية التي أثبتت نجاحا باهرا، فقد حققت مدينة الوكرة الترثية وسوقها المقام على السيف اقبالا كبيرا وملحوظا رغم عدم اكتماله، وانه لم يفتتح رسميا بعد. إن ما يستحق الشكر والتقدير للدولة هو إعطاؤها الفرصة للقطريين ولأبناء كل منطقة لإطلاق أفكارهم وإبداعاتهم في المقاهي وفي المتاجر المزمعة التي حفزت ذهنية القطريين لوضع لمساتهم الإبداعية التي طالما أخفيت وغيبت ولم تجد لها يدا تشجعها او تعطيها الفرصة.وقد بهرتنا حقا إبداعات من بدأ، فقد وصلت أصداؤها العالمية خصوصا بعد تعليقات الانستغرام، فوسائل التواصل الاجتماعي اليوم وفرت لنا تغذية رجعية مباشرة حول ردود الفعل وآراء الجماهير من تعليقات إيجابية تشيد بإبداع القطريين في مقاهٍ ومحلات تحمل أفكارهم البكر وتصاميمهم الفذة التي طالما تغنينا بمثيلاتها في دول الجوار، حتى هتف المعلقون: "غلبتونا يا هَلْ قطر" . أحب وطني وأشعر حقيقة أنه لا يضاهي أوطاننا العربية شيء ليس تعصبا لانتمائنا، ولكنني أؤمن ان المدينة روحٌ، وهذا ما تتميز به مدننا العربية، وهو ما سعت رؤية قيادتنا الحكيمة لتنفيذه في كافة مدن قطر من منطلقات الاهتمام بالهوية الأصيلة.روحانية المدن شكلت لها نقاط التقاء عاطفي وتواصل جعلت قلوبنا تنطلق مع أقدامنا إلى الشاطئ من قلعة الوكرة ومن كل المنافذ لنجد أنفسنا وسط الشارع العام وهو عصب الحياة في الوكرة — كونه يربط الدوحة بمسيعيد، المدينة الصناعية — وهو شريان رئيس خطر ومزدحم دون ان يوضع لنا جسر عبور أو حتى إشارات مشاة مرحلية مؤقتة ما دام السوق قد افُتتح قبل اكتمال مراحل البنى التحتية في الانفاق والجسور. وعن تجربة فقد عبرت الشارع العام مرتين وانا أشعر وكأنني في لعبة "سوبر ماريو"، فأتشهد وأقرأ البسملة واهلل واحوقل خوفا من أن تدهسنا السيارات، اذ لا يوجد حل مؤقت لمن يريد ان يتمتع بجمال المدينة مشيا على الأقدام فيضرب عصفورين بحجر، التمتع بارتياد البحر ومقاهيه وسوقه ورياضة المشي منعا للخمول الخليجي المعتاد.هذا مطلب بل ضرورة مدنية وتخطيطية نرفعها للجهة المختصة فضلا عن ضرورات أخرى تفاجئنا بها بل تعجبنا منها في التخطيط المدني، قد خُنقت مدينة الوكرة المختنقة سلفا ببركات بروة وازدان التي أوصلت تعداد سكان الوكرة رقما قياسيا وقد يزداد قريبا الى ما يقارب ١٠٠ ألف نسمة.كما وُضع للمدينة التراثية وسوق الوكرة مدخل واحد فقط من جهة القادم من مسيعيد، ومخرج واحد فقط من جهة الخارج الى الدوحة. وهذا في رأيي تخطيط فاشل إذ يزيد من خنق المدينة ويعرقل انسيابية السير وحركته ويخنق شريانا رئيسا في قطر فيه مصالح اقتصادية واستثمارية للدولة حتى قبل السياحية. الأجدر أن يكون الدخول والخروج من الجهتين، وأن يعاد تخطيط الطرق والمداخل والأسهم الأرضية في المسارات. لقد شهدنا الاختناق قبل التدشين الرسمي فما بالنا بعد التدشين واكتمال نصاب المدينة، فهل ستحْتضر؟.هذا كما نريد ان نذكر بعددٍ من الامور الصغيرة التي تكدر صفو الرؤية التراثية والجمالية مثل: صناديق القمامة الخضراء على السّيف التي لم تواكب وضعها في حاويات تراثية خشبية توحد هوية المدينة فبدت كنشاز أو طحالب خضراء على السيف وهي تجاور روعة أخشاب السفن والمراصد الخشبية البحرية.هذا ويبقى أملنا في نهاية المطاف في أن توفر إدارة السوق والجهة المختصة به في الدولة لأصحاب المقاهي والمحلات المبدعين مرافق ومواد تساعدهم على مواجهة متغيرات ومواسم أجواء قطر من غبار وأتربة وحرّ الصيف القادم — لا محالة — والذي يقتضي حتما حلولا ناجعة في وضع بلاستيك عازل للحرارة في مواقع الجلوس على جوانب كل مقهى مثل المتبعة في المقاهي العالمية ومقاهي بيروت، فضلا عن وضع مكيفات أو اي حلول معروفة لأهل البحر والبيئات الحارة تدعمها طاقة كهربائية مناسبة من اول جار للسوق — بو فنطاس — الذي لم يعجز عن الربط الكهربائي الخليجي لحل عجز في ضائقة كهربائية في دولة خليجية شقيقة وعزيزة منذ فترة قريبة حتى يعجز عن إمدادات ضرورية لمدينة سياحية واعدة من مدن قطر وحتى لا يكون كما يقول المثل:" عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب". مع ضرورة إيجاد أفكار تشجع الارتياد الصيفي مثل نوافير المياه الرشاشة البحرية على السيف.. هذا فضلا عن ضرورة التنويه بحقّ قانوني مشروع وهو أن تساهم إدارة السوق والجهة المعنية في الدولة بحفظ حقوق الملكية الفكرية للمبدعين في السوق في المقاهي والمحلات الذين اجتهدوا وبنجاح ملحوظ في اخراج إبداعاتهم من بنات أفكارهم، فلابد من أن يحفظ لهم حقهم في تلك المنافسة المحمودة دون تقليد أو تنافس غير شريف والذي قد يسرق الأفكار والانجازات الواعدة.مع تمنياتنا للجميع بمتعة روحية وجمالية في مدن واعدة سياحية ورياضية وجمالية دون خسائر تذكر في الأرواح .... صيفًا سعيدا...،و "دئوا الشماسي"