12 سبتمبر 2025

تسجيل

أربعة رجال دمروا بلاد العرب

14 أبريل 2015

لا تزال الجملة العربية المشورة "رب رجل أحيا أمة" تتردد على ألسنة المتفائلين بمستقبل أجمل في عالمنا العربي الذي تحول خلال عقد من الزمان إلى ساحة حرب مزدوجة ما بين الأنظمة والشعوب وما بين الشعوب نفسها كحرب أهلية ، ومنذ وضعت الحرب الأهلية اللبنانية أوزارها عام 1988 لم تشهد بلاد العرب حربا أهلية حتى بداية القرن الجديد وذلك بفضل الجملة المغايرة الجديدة " رب رجل قتل أمة" وهو ما شهدناه على أيدي أربعة من الرؤساء فعليا في كل من ليبيا ومصر وسوريا واليمن أخيرا .فإن استثنينا الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الذي هرب وترك تونس قبل أن تشتعل النار فيها ، فإن مصر الدولة الكبرى قد وقعت في مصيدة العقلية العسكرية البرجوازية التي ترفض أن تتخلى عن دورها في إدارة الحياة المدنية لأكبر الشعوب العربية عددا وتعددا سياسيا وفكريا ودينيا ، فكان الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك يرفض أي فكرة لتخليه عن منصب الرئيس الملك ، فجلس حاكما بانتخابات مضللة ما يقرب من ثلاثة عقود ، ليجدد لنفسه عقد الرئاسة كلما قيل له "كفاية"، ثم عندما اقترب من خط النهاية أعلن عن خليفته العائلي ابنه جمال ، ورغم الانتفاضات والمظاهرات العارمة ظل متمسكا بالحكم ، حتى انقلب عليه العسكر بعدما عم الخراب في مصر .وغير بعيد عن مقر مبارك ، كان الرئيس الليبي المقتول معمر القذافي يحكم بالحديد البارد مملكته الليبية على أساس المثل الشعبي " حكم الزير بالزرازير" ، متنقلا ما بين خيلاء العقيد العسكري وملك إفريقيا وإمام الأمة وأقلها رئيس ليبيا المطلق ، حتى إذا ما ثار تراب ليبيا وجعا من وطأته ، أعلن الحرب على شعب صبر عليه أربعين عاما ونيف ، واتهم الشعب بالخيانة ، وأحل دمهم ، وترك البلاد نهبا للفوضى ، ورفض أي حل سياسي يتخلى فيه عن الحكم ويرحل بعيدا ، ليقيم الليبيون دولة جديدة على أسس ديمقراطية وتعددية ، فمات على أيدي بعض من مواطنيه ، وتحولت ليبيا كما نراها اليوم إلى مقاطعات متقاتلة لكل من يشتهي القتال .أما سوريا التي حكمتها عائلة الأسد العلوية باسم البعث وعلى كذبة المقاومة طيلة أربعة عقود ، رفض النظام السادي أن يمرر "حركة أطفال أبرياء" رسموا كلمات رددها كل أطفال العرب دون إدراك مراميها حين كتبوا على سور مدرستهم "الشعب يريد إسقاط النظام" فتحركت قوات القائد المقاوم بشار الأسد لقمع الأحرف المكتوبة على جدار السور ، ويا لخيبة أملهم فقد حفرت تلك الجملة على جدران قلوب السوريين في كل سوريا إلا من كان من شيعة الأسد ، فدُمرت سوريا الجميلة وتشرد شعبها في كل الأصقاع ، وتحولت إلى أودية تجوبها الوحوش ، ولن تقوم للنظام قائمة مهما صبر وقاوم شعبه ، فلعنة أطفال درعا ستطارد النظام ورجاله وقادته حتى قبورهم .وآخر الرؤساء الأوغاد كان الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح الذي بذل كل ما يستطيع ليبقى حاكما بسلطته على بلاد اليمن طيلة عقود انحدر فيها اليمن اقتصاديا وسياسيا وعسكريا إلى الحضيض ، فرغم ما تلقاه من "أخذ باليد" لإصلاح النظام وانتقال الحكم للحفاظ على وحدة اليمن وتغيير المستقبل لأفضل مما هو عليه ورغم استعداد الأشقاء الخليجيين لدعم الحوار والإصلاح ، لكنه كان عنيدا متمسكا بنوافذ قصره ، وتحالف مع كل شيء لبقائه حاكما مطلقا ، ورغم إصابته البالغة في محاولة اغتياله ،بقي مصرا على الاستمرار ، وعلى مضض تخلى عن الحكم فعليا ، بينما عمد إلى بناء منظومة تدمير لبناء الحكم من غرفة عمليات سرية ، حتى وصلت اليمن إلى ما نراه اليوم ، ويكشف سوء عقليته وعقيدته الوطنية تحالفه مع أعداء الأمس ضد وطنه .أولئك الأربعة دمروا بلادهم وأسسوا لخراب بلاد العرب، لأنهم صدقوا كذبة شعارهم " بقاؤنا في الحكم هو لضمان أمن واستقرار ووحدة الوطن " ، فماذا لو ترجل كل واحد منهم قبل أن تشتعل الثورات وتتدخل العصابات ، حتى لو رحلوا إلى بلاد بعيدة ومعهم كل ما نهبوه وسرقوه ، ألم يكن ذلك درءًا لكل هذا الشر والدمار والدماء المسفوحة ، ومئات الآلاف من الضحايا الأبرياء الذين قتلوا بلا ذنب سوى أن الرؤساء الآلهة لا يتنازلون ولا يرحلون ، ولعلهم لا يموتون كما يظنون أيضا ، لذلك على كل الأنظمة والرؤساء ألا يربطوا مصير بلادهم بحياتهم فالبشر يموتون والأوطان تبقى .