14 سبتمبر 2025

تسجيل

الشركات محدودة المسؤولية.. أية حماية؟

14 مارس 2022

على غرار التشريعات المقارنة سمح المشرع القطري بتأسيس شركات تجارية تتخذ شكل شركة ذات مسؤولية محدودة، يكون عدد الشركاء فيها من شخص واحد إلى خمسين كحد أقصى، ولا يسأل الشريك فيها إلا في حدود حصته في رأس المال طبقا للمادة 228 من قانون الشركات التجارية رقم 11 لسنة 2015، وذلك تشجيعا للمستثمرين الذين يرغبون في إنشاء مشاريع في منأى عن المساس بذمتهم المالية الشخصية. إلا أن اللجوء إلى إنشاء شركات ذات مسؤولية محدودة أصبح ملاذا لبعض الشركاء سيئي النية الذين يهدفون إلى جني الأموال عن طريق إنشاء كيانات وهمية تتخذ شكل شركة ذات مسؤولية محدودة، أو يصبحون شركاء في شركات قائمة فعلا، ويستخدمون أموالها ومخصصاتها لمصلحتهم الشخصية، ثم يتذرعون بالذمة المالية المستقلة للشركة عن ذمتهم، وأنهم لا يسألون إلا في حدود حصتهم في رأس مالها. وفي سبيل ذلك، قد يبرمون عقودا بمبالغ مالية مهمة ويحررون شيكات وكمبيالات بآجال قصيرة وقيمة مالية كبيرة، ويستقدمون عمالا أجانب برواتب عالية وغيرها من التصرفات العديدة باسم الشركة، وبعد أن يجهزوا على جميع أموال الشركة يتحججون في مواجهة الجميع بأن الوضعية المالية للشركة متأزمة وهم غير مسؤولين عن ذلك إلا في حدود حصتهم. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة لتوفير حماية قانونية تضمن حقوق المتضررين، خصوصا المتعاملين مع تلك الشركات، الذين بعد استنفاد جميع الطرق الودية والقضائية من أجل تحصيل أموالهم، لا يجدون ما يمكن أن يستردوا به ديونهم في مواجهة الشركة، لأن جميع ممتلكاتها تكون قد هلكت، ومسؤولية الشركاء فيها محدودة في نطاق رأس المال، على الرغم من أن تعاملهم معها في الأساس يستند إلى الاعتبار الشخصي للشركاء فيها. ومن جانب آخر، فإن المسؤولية المحدودة لهذه الشركات تضر بمصالح الشركاء ذوي نية حسنة أيضا، خصوصا الشريك القطري في حال وجود شركاء متعددي الجنسية، أو الشريك المخول بالتوقيع، إذ نتيجة تلاعب الشركاء الآخرين في مالية الشركة وتذرعهم بمبدأ استقلال الذمم، يعصفون بأموالها ويتسببون في تأزم وضعيتها المادية، ليتركوا الشريك حسن النية في مواجهة الدائنين، وأمام إجراءات إدارية وقضائية مثل الأمر بالمنع من السفر، أو الحجز على الأموال الشخصية، وذلك في حال ثبوت عدم احترام الأشخاص في الشركة ذات مسؤولية محدودة لهذا المبدأ وقيامهم بالخلط بين أموالهم والمالية الخاصة بالشركة. وحماية لجميع المتضررين من مبدأ المسؤولية المحدودة للشركة، فقد نص قانون الشركات التجارية على حزمة من التدابير لضمان أموال المتعاملين مع هذا الشكل من الشركات، من قبيل ما نصت عليه المادة 229 من القانون المذكور عندما ألزمت إضافة عبارة شركة ذات مسؤولية محدودة إلى جانب اسم الشركة، وإلا كان المدراء مسؤولين بالتضامن مع الشركة في مواجهة الأغيار، إلى جانب العقوبات الزجرية التي يتم اتخاذها في حق كل شريك أو مدير لم يلتزم بمبدأ استقلال الذمم عند التعامل بأموال الشركة. عموما، تبقى الشركة ذات مسؤولية محدودة شكلا قانونيا تنفذ في إطاره مشاريع وأعمالا من شأنها الحفاظ على النشاط الاقتصادي وتقويته، فلا يمكن إلغاؤه أو إيجاد بديل عنه، وتبقى الحماية الأساسية من مخاطر إساءة استخدامه هي توفير تأمينات لأموال المتعاملين معها بشكل مسبق، وتضييق الخناق على المدراء أو الشركاء ذوي نوايا سيئة فيما يتعلق بحرية استخدام أموالها.