11 سبتمبر 2025

تسجيل

كرسي حلاق

14 مارس 2021

التغيير مطلب ضروري وأساسي في الحياة، وهو من أبرز أسلحة من يتطلع للتطوير، وعلى صعيد الحياة العملية، كثير من الوزارات والهيئات والمؤسسات في الدولة يطولها التغيير بين فترة وأخرى، من أجل دعم وتعزيز دوران عجلتها، وقد يكون التغيير على المستوى القيادي أو الإداري للوزارة أو المؤسسة أو الهيئة، وقد يكون أيضاً على مستوى الهيكل التنظيمي. ومن أكثر صور التغيير شيوعاً هو ضخ دماء جديدة بهدف التنشيط والتجديد، وهو أمر محمود، إلا أنه وفي بعض المؤسسات يكون التغيير فيها تغيير اسم فقط، وتظل تلك المؤسسة محلك سر، بعيدة عن الهدف المنشود أصلاً من إجراء التغيير وهو التطور الإستراتيجي والتجديد المدروس. وفي رأيي فإن السبب الرئيسي في نتيجة "محلك سر" هو الاختيار الخاطئ للشخص المأمول منه تحقيق التغيير، فمثل هذا الاختيار يتمخض عنه شخص غير مسؤول، شخص كل اهتمامه ينصب حول ما يمكن أن يقدمه له المنصب وليس ما يمكن أن يقدمه هو للمنصب وللمؤسسة، وقد يكون أول اهتماماته برستيجه الشخصي، وموقفه الخاص، والمصعد الخاص، وأثاث المكتب، وصوره في وسائل الإعلام، دون أن يفكر في ترك بصمة فاعلة يتلمسها الموظف على المستوى القريب، أو المواطن والمقيم على أرض الواقع، حتى ولو على المدى البعيد، فيظل الحال كما الحال والتغيير صعب محال بهدف الاستمرار في المنصب لأطول مدة ممكنة. وفي الجانب الآخر، هنالك شخص قيادي بالفعل، تهب رياح التغيير مع توليه المسؤولية، لتغربل وتهز كافة أركان المؤسسة من أجل التطوير، فيتلمس ذلك الجميع، ويتابع بنفسه التغيير في إستراتيجية العمل وفي التخطيط والتنفيذ على حد سواء، بل وتجده في الكثير من الأحيان يهتم بالتغيير حتى في أشياء تبدو صغيرة ولكنها كبيرة في عينه، كالمكاتبات وغيرها من الأمور التي تتصل بهذه المؤسسة، تغييرات يشعر الجميع بها، بحيث إن هنالك شخصاً قلب الموازين، وأتى بطوفان يراد به صالح الجميع. من وجهة نظري لابد على المسؤول أن يضع بصمته من أول يوم عمل له في المنصب الجديد، فلابد من تغيير نظام العمل وصولاً للأفضل والأحسن، ونشر الإيجابية وروح الفريق الواحد، ولابد من جلوس المسؤول مع الجميع دون استثناء، والاستماع لرأي الجميع، وأخذ وجهات النظر وتطبيق ما يرى أنه الأفضل، وعدم التعنت في اتخاذ القرارات التي تؤثر سلباً على العمل، فيد الله مع الجماعة ولن يتحقق الأفضل إلا بتكاتف الجميع والعمل يداً بيد، فأسلوب التشجيع والتعزيز مطلوب، وأسلوب الترهيب والتنفير غير مطلوب، لأن الكرسي لا يدوم، وكرسي المسؤولية كما يطلق عليه العديد هو "كرسي حلاق"، سيأتي اليوم الذي يترك هذا المسؤول مكانه لغيره، والأمر بيده في أن يترك ذكرى طيبة ليذكره الموظفون بالإيجاب والثناء والشكر لما قدمه للجميع من أجل الصالح العام، أو ذكرى سيئة تجعل الموظفين يشكرون الله على ذهابه وتركه المؤسسة و"يكسرون وراه قُلة" على ذكرى أخواننا المصريين. وهنا استذكر إحدى النصائح القديمة قدمها شخص قريب لي ذات مرة، وهي "إذا بدأت تذهب للعمل وأنت مستثقل نفسك وتجر رجلاً وتسحب أخرى، وكأنك طفل في سنته الدراسية الأولى، يجرونه للذهاب إلى المدرسة وهو يبكي، فاعلم أن الوقت قد أزف، وأن الرحيل قد حان"، لأن التغيير السلبي ممكن أن يتم أيضاً بسبب ذلك المسؤول، لكنه تغيير في غير محله، وهنا تكمن الكارثة التي قد تحل بالمؤسسة بالعودة إلى المربع الأول، لذلك فالتغيير مطلوب، ولكن لابد من وضع المصلحة العامة نصب عين المسؤول والموظف وأن يكون هنالك تفاهم وتشاور وأخذ وعطاء عملا بقول الله تعالى "وأمرهم شورى بينهم"، فما خاب من استشار، ولا ندم من استخار. والله من وراء القصد ‏@mohdaalansari