12 سبتمبر 2025

تسجيل

الأقصـى المُقصــــى !

14 مارس 2019

من منا يكره أن يحلم ويكون حلمه هادئاً حلواً لا تتخلله كوابيس تقض منامه؟ من منا يكره أن يصبح وينظر حوله لعله يرى حلمه واقعاً ويبتسم عوضاً عن التكشيرة التي تلازم الوجوه صباحاً؟! كلنا بالطبع يرجو ذلك ولكن عليه أولاً أن يتخلى طواعية عن عروبته، ينكر أنه يتحدث اللغة العربية بأي لهجة كانت! من يستطيع أن يفعل كل ذلك فأنا شخصياً أضمن له أن يهنأ بنوم هادئ وطيب باعتبار أنني ما زلت أحاول أن أجرب هذا الحل السحري الذي نشرت حكوماتنا العربية تركيبته العجيبة بعد أن جاء بفائدته المرجوة على أصحاب الكراسي ووزرائهم ومن ينتسب لها، وتحاول اليوم أن تلحق الشعوب بها قبل أن تستيقظ الشوارع العربية على انتفاضة غضب جديدة تسكت مع أول ظهور فيديو كليب غنائي أو مسرحية هزلية أو حتى دخول الشتاء الذي يعلن كل يوم عن قدومه ببطء بعد رحلة صيف طويلة مهلكة!. ولربما يسأل أحدكم ولم الانتفاضة وقد كفى الله المؤمنين شر الغضب؟ ببساطة إنه الأقصى الذي يجتاحه اليهود اليوم علانية وسط تعتيم إعلامي فهل تذكرونه؟. بالله عليكم لا تصدموني وأنا الخارجة حديثاً من المرض! لا تقولوا لي إنكم نسيتم أقصاكم فأصب بانتكاسة وأعد إلى ملازمة غرفتي والغرق في فراشي أنوح دون صوت! لا تقولوا لم الانتفاضة وأنتم أضعف من أن تقوموا بذلك حتى في أحلامكم المليئة بالملذات والشهوات وطمع الدنيا!. لا تهتموا فالحكومات لا ترتاح لمسيرات الغضب والهتاف الفارغ واللافتات المناوئة لإسرائيل ولا لحرق الأعلام الأمريكية المهترئة بأقمشة بالية، لا يساوركم أي شك في أن مثل هذه الحكومات ستلزم شعوبها بأن ينظموا جمهرة تهتف بالموت لإسرائيل وأمريكا والحياة لفلسطين.. لا. لا.. فهذا أشبه بصداع نصفي لا تتحمله مثل هذه الرؤوس التي تحكمنا وتتحكم بغضبنا وفرحنا للأسف، وتقول كلمتها لنبتهج ونطير فرحاً أو تلزمنا بنكس الجباه والتزام الصمت المطبق في سرادق عزاء لا دخل لنا به!. ولذا على الجميع أن ينسى، ينسى أن فلسطين بلد عربي محتل ويتقبل قسراً نشوء بلد "إسرائيل" بيننا وانضمامه لجامعتنا الموقرة التي أقرت بياناً عربياً موحداً في يوم من الأيام تقول فيه بأنها (تشجب وتستنكر) الممارسات الإسرائيلية القمعية في باحة الأقصى الشريف وسماحها لآلاف من المتطرفين اليهود بالتنزه فيها و(عشان خاطرها اهدي يا إسرائيل ولا تزيدي النار حطبا)!. تلك الجامعة التي أجهل حتى هذه الساعة فائدتها الفعلية باعتبار أن الفائدة الصورية منها تخرج على شكل صورة جماعية لأي اجتماع وزاري على مستوى وزارات الخارجية العربية أو اجتماع قمة يهوي بنا إلى الحضيض كلما حاولت أنوفنا أن تشتم رائحة العزة بعد يأسها من عودة حاسة الشم لها. أجهل دور أمين عام الجامعة العربية الذي يبدو على عراك داخلي مع نفسه وهو يحصي كم عليه أن يبقى ليصنع له اسماً هو الآخر ويستجدي ما يمكن أن يعزز هذه الأمنية في داخله فلا يجد شيئاً يمكن أن يزين به سيرته سوى عبارة شجب معلقة على هذا الحائط وأخرى استنكار تكاد تهوي، ورفض هناك وإنكار هنا، وكلها عبارات مضحكة هشة لا يمكن أن تفعل شيئاً أمام الفعل الإسرائيلي الذي يزيد في غيه بكل لحظة وثانية. فماذا يفعل الرجل إن كان تاريخه قد بدأ بالانتحار تحت وطأة السمعة السيئة للجامعة العربية وهو أقدر على وقف كل ذلك بالإعلان أنه خاوي اليدين ويحاول أن ينضم إلى صفوف الشعوب العربية المكلومة حتى من التعبير عن الغضب الذي يستعمر النفوس يومين ويعود إلى وكره سريعا!. فلبيك يا أقصى بالنظرة والهمسات وبالصمت الرهيب، لبيك يا أقصى بالنوم والشخير!. لبيك في الأحلام وفي الكراسات والمقالات!. ولا تظن أنك بذاك (الغلاء) لنبيع راحتنا لأجلك فمن تكون يا هذا؟!. من تكون لنفجر صمتنا من أجلك؟! من تكون لندق شوارعنا غضباً عليك؟! من أنت لتجعل شبابنا يزحفون للقتال والدفاع عنك وهم دوم رجولة وقيم وثقافة؟! شباب يحلمون بخصر أنيق وبنطال جينز على الموضة وتسريحة شعر غريبة وإكسسوارات تلف أيديهم تدل على ترف المعيشة وتفاهة الفكر!. فهل هذا هو الجيش الذي تنتظره يا أقصى؟!. هل هذا هو جيش محمد الذي تعمل حكوماتنا العربية على تجهيزه وطبخه على نار هادئة تتريث ساعة النضوج؟!. هه!.. إن كانت الانتفاضة من هؤلاء فتأكد يا أقصاهم أنك تنتظر نضوج المشمش في الصيف وقطف البطيخ من أغصان معلقة وأكل الأرانب للحوم ومضغ النمور للأعشاب!. لم يعد هناك مستحيل يا أقصاهم. فبعد أن كنت أقصانا أصبحت أقصى الفلسطينيين وحدهم وغداً ستغدو إرث اليهود الأثري.. أرأيت؟!.لم يعد هناك شيء مستحيل.. وعليه يجب أن أحلم بأن أحلم حلماً حلواً هادئاً طيباً لا تطل علي فيه وتقض مضجعي فأكف عن النوم مبكراً خشية أن تبدأ دورتك في العقول العربية بي أولاً فأعود لنغمتي القديمة التي ولدت وأن أسمع أمي تكررها على مسامعي فلسطين بلادنا بلادنا. سامحك الله يا أمي. فهل أنا وأخي مثلك أنتِ وأبي ؟!!.. هه!. فاصلة أخيرة: ستبقى الأقصى بكل ما تعنيه لنا وتركنا لهم التطبيع!. [email protected]