16 سبتمبر 2025
تسجيلظلت دولة الكويت منذ تأسيس الدولة الحديثة عام 1961 وإعلان الشيخ عبدالله السالم الصباح إنهاء اتفاقية الحماية مع بريطانيا، نظراً لوجود شعور بائن بأنها تتعارض مع سيادة الكويت على أراضيها؛ رائدة في الالتزام بالقانون الدولي، وما يفرضه من حتميات واشتراطات في تعامل الدول مع بعضها البعض، بل وما يحتّمهُ القانون الدولي من ضرورة تعاون الدول، ومساعدة الدول الغنية للدول الفقيرة، ومساندة الشعوب في حق تقرير المصير. وهذا ما دأبت عليه دولة الكويت، حيث امتدت يد المساعدة السخية إلى شرق وغرب العالم، دونما مِنّةٍ أو شروط. وكان للكويت على المستوى الرسمي والشعبي دور واضح في التنمية في البلاد المنكوبة أو المتضررة من غوائل الطبيعة أو من ماكينة الحرب المدمرة، ولقد تمثل هذا في احتضان دولة الكويت للعديد من المؤتمرات للدول المانحة، قد لا يكون مؤتمر دعم العراق آخرها، بل سبق ذلك مؤتمرا المانحين لدعم الشعب السوري، وغيرها من المؤتمرات الإنسانية، وهذه مواقف إنسانية تجاوزت غصات التاريخ القريب، وأكد الموقف الأصيل للشعب الكويتي تجاه الأشقاء العرب. ولقد حفظ لنا التاريخ أن الكويت عُرفت منذ عام 1613 باسم (كاظمة) وأن بداية وصول آل صباح كانت عام 1716. ولقد انضمت الكويت بعد استقلالها إلى جامعة الدول العربية والأمم المتحدة عام 1963. ولعل أهم ما يُميّز الكويت عن بقية دول مجلس التعاون هو وجود مجلس الأمة المُنتخب، الذي مثّلَ منارة بارزة للعمل الديمقراطي، على ذلك تأسست المشاركة الشعبية، وتم وضع قوانين للمواطنة والحريات العامة، كما نشأت طبقاً لذلك دور الصحف التي ظلت على الدوام لسان حال الشعب، كما اهتمت الدولة بترسيخ مبادئ حسن الجوار مع الآخرين ودعم قضايا حقوق الإنسان، ولم تتوان الدولة عن دعم المؤسسات الإقليمية والأُممية، وكان للكويت الدور البارز في تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية. حيث قام الراحل الشيخ جابر الأحمد (رحمه الله) بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة عام 1976 وتباحث مع الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله) في شأن تأسيس مجلس التعاون، إثر وجود حالة فراغ أمني بعد رحيل بريطانيا من المنطقة، وإنهاء تعاقدات الحماية مع دول الخليج العربية. وظهر مجلس التعاون إلى العلن عام 1981 عندما توافق قادة الدول الست (دولة الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، قطر والكويت) على إنشاء المجلس، ليكون كياناً تنسيقياً وتعاونياً في كافة المجالات. وكانت للدبلوماسية الكويتية التي قادها باقتدار سمو أمير دولة الكويت حالياً الشيخ صباح الأحمد الصباح، عندما كان وزيراً للخارجية لعقود طويلة. ولجهود سموه نتائج ملموسة في قضية رأب الصدع العربي – وما أكثر صوره – فمن مأساة الشعب الفلسطيني، إلى قضية القدس، إلى آثار ما بعد اتفاقية (كامب ديفيد) مع إسرائيل، إلى الحرب العراقية - الإيرانية، إلى حرب أفغانستان، إلى حرب تحرير الكويت، إلى الحرب اللبنانية والعدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، إلى ما بعد تطورات (الربيع العربي)، كما كانت الكويت حاضرة في تضاعيف الضعف العربي ومآلات الانتفاضات العربية في كل من تونس، مصر، سوريا، اليمن، ليبيا، وصولاً إلى الموقف المشرف لدولة الكويت في حالة حصار دولة قطر من قبل بعض دول المجلس ومصر. ولاحظ العالم كيف كان سمو أمير دولة الكويت حريصاً على تماسك مجلس التعاون، وقام بدور الوساطة وما زال، محاولاً تقريب وجهات النظر، ودرء الأخطار عن الشعوب الخليجية. وإذا ما استحقت دولة الكويت أن تكون مركزاً للعمل الإنساني، واستحق أميرها لقب قائد العمل الإنساني، بتقدير واهتمام من الأمم المتحدة، فإن مثابرة سموه في حلّ قضايا العالم تؤهله أن ينال جائزة نوبل للسلام، وهذا مطلب وأمل نرجو أن تأخذ به جهات الاختصاص. إن العلاقات القطرية - الكويتية ظلت على الدوام متينة وصادقة، ولقد توّجَها ذاك الجهد الصادق والعمل الدؤوب من سمو أمير دولة الكويت واتصالاته المتكررة مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، من أجل التوصل إلى صيغة تُنهي حصار «الأشقاء» لدولة قطر وعودة المياه إلى مجاريها والحؤول دون ضياع بوصلة سفينة التعاون، وجنوحها على صخور المؤامرات، ولقد تجاوب سمو الأمير المفدى مع الدعوات والمساعي الخيّرة التي قام بها سمو أمير دولة الكويت، كما وقف الشعب الكويتي وقفة صادقة مع الشعب القطري، بل إن أزمة حصار دولة قطر عمّقت العلاقات الأخوية بين الشعبين وأظهرت أصالة ومعدن الشعب الكويتي، بل وظهر نواب من مجلس الأمة الكويتي ممن تعاطفوا مع الحق القطري وساندوه. وإذا ما رجعنا إلى الكويت كشعب، نجد أنه عاصر الديمقراطية، مع كافة إيجابياتها وسلبياتها، وأخرج نموذجاً للتفاهم بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وهذا المناخ هيأ المسرح لوجود حركة ثقافية راقية تمثلت في المسرح الكويتي، والحركة التشكيلية والفنية الغنائية، حيث لعبت الأغنية دوراً مهماً في أفراح الكويت وأتراحها. وفي المجال الثقافي لا ينسى أيُّ عربي مجلة (العربي) التي كانت مشعل نور للمثقفين العرب، ناهيك عن المسلسلات التلفزيونية والإذاعية التي أثرت الشاشات والإذاعات الخليجية، ما جعل الفنان الكويتي في تماسٍ مع الفنانين العرب الكبار. نُهنئ دولة الكويت أميراً وحكومةً وشعباً باحتفالاتها الوطنية، داعين المولى أن يُديم نعمة الأمن والاستقرار على دولة الكويت وجميع دول المنطقة، كي تواصل هذه الدولة الفتية رسالتها الإنسانية في نشر الحب والسلام في ربوع العالم، ومسح دموع الإنسانية المُعذّبة في شتى الدول، وإعمال العقل في كل خلافات العالم.