30 أكتوبر 2025

تسجيل

الجميع يدَّعي المبادئ

14 مارس 2018

كان فهد موظفاً عادياً، وكان مع زملائه الآخرين، دائماً ما يشكون صعوبة التعامل مع ذلك المدير الذي لا يهتم بهم ولا يقدرهم، ويحيط نفسه بمجموعة من الموظفين السيئين الذين ينقلون إليه صورة سيئة عن الآخرين، ولا يستمع لغيرهم، والتي انعكست سلباً على بيئة العمل، فأصبحت غير مريحة، وملبدة بالدسائس والمكائد. كان الزملاء يتحدثون طويلاً عن هذه البيئة السيئة، ومنهم طبعاً فهد الذي كان يقول: لو كنت مكان المدير لفعلت كذا وكذا، ولفتحت بابي للجميع، ولأبقيت علاقة مميزة مع الجميع، وسأبعد البطانة السيئة، وغيرها من الإجراءات. مرت السنوات وأصبح فهد مديراً لنفس الإدارة. استبشر الموظفون خيراً باعتلاء فهد للمنصب؛ فهو واحد منهم، ويعرف مشاكلهم، ومعاناتهم. ولكن بعد فترة بدأت ملامح إدارة فهد بالظهور، فقد تنكر لزملائه القدامى، وأصبح يمضي وقته مع من ينقل إليه الأخبار التي تعينه – كما يظن – على البقاء في المنصب والظهور أمام رؤسائه بمظهر أفضل، فقرّب الأشخاص الذين كان ينتقدهم، وأغلق بابه في وجه الموظفين الآخرين، بل وبدأ ينكّل ببعضهم وينتقد أداءهم ويحاول إبعادهم. وحتى الذين كانوا مقربين منه وكانوا بمثابة أصدقاء له، ابتعد عنهم وتنكر لهم، ولم يعد حتى يرد على اتصالاتهم. يقول أحد الحكماء: المنصب لا يغيّر الأشخاص، بل يُظهرهم على حقيقتهم. فاعتلاؤهم المناصب يجعلهم يشعرون بالثقة الزائدة المؤدية إلى الغرور. ففهد لم يكن يُؤْمِن بما يقوله فعلاً، بل كان يراه حلاً لصعوده وحصوله على حقه في الترقية والتقدير. وقادته ظروف سابقة لأن يجتمع مع زملائه القدامى، وعندما تغيرت الظروف استبدلهم بمن يعاونوه -كما يظن - على التعامل مع الأوضاع الجديدة، والتي تتطلب أهدافاً مختلفة. وهذا هو الفرق بين من يُؤْمِن بالمبادئ ويعيش بها، ومن يدَّعيها ويتحدث بها فقط.