16 سبتمبر 2025
تسجيلفي الأسبوع الماضي وافقت حكومة المالكي على تزويد مصر بحوالي 4 ملايين برميل شهريا من نفط خام البصرة بعد زيارة لرئيس مجلس الوزراء المصري الدكتور هشام قنديل للعراق، والتي تعتبر أول زيارة لمسؤول مصري رفيع المستوى لبغداد منذ ثلاثين عاما. وتم من خلال الزيارة الاتفاق على تزويد مصر بالنفط الخام عبر الأنبوب العراقي - الأردني الذي ينتهي في ميناء العقبة حيث ينقل النفط إلى المصافي المصرية ليتم تكريره، حيث إن مصر ظلت تعاني من أزمة اقتصادية منذ ثورات الربيع العربي ومن شح في الوقود تطلب إبرام هذه الصفقة مع العراق من أجل توفير حوالي 4 آلاف طن سولار لسد جزء من الفجوة بين إنتاج مصر من السولار والذي يبلغ 22 ألف طن يوميا، وحجم الاستهلاك الذي يصل إلى 35 ألف طن. كما قرر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الإفراج عن جميع السجناء المصريين الجنائيين بالعراق وعددهم 33 سجينا والسماح لهم بمغادرة العراق، كذلك تم الاتفاق بين الجانبين على دراسة ملف إنهاء الديون المصرية، واستخدام الأيدي العاملة المصرية للعمل في العراق، حيث تجتهد الحكومة العراقية برئاسة المالكي في فتح صفحة جديدة مع حكومة الإخوان المسلمين في مصر وطي صفحات الماضي منذ عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر مرورا بحقبة السادات إلى فترة الرئيس المخلوع حسني مبارك والغزو العراقي للكويت وعملية اغتيال السفير المصري إيهاب الشريف ببغداد في عام 2005. ويسعى المالكي من خلال كل ذلك إلى استقطاب سلطة الإخوان في مصر ومحاولة سحبها لمؤازرة موقفه من الربيع العربي، خاصة فيما يتعلق بموضوع سوريا، وذلك من أجل إيجاد موطئ قدم وحشد تأييد أطراف عربية لمبادرته التي تسعى لخلق أرضية للحوار بين بشار الأسد والمعارضة، والمؤيدة للموقف الإيراني الذي يرفض الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، حيث ظلت حكومة المالكي منذ انطلاق الربيع العربي في سوريا، وبمباركة إيرانية، تعمل جاهدة في فتح الحدود أمام الجماعات الشيعية المتطرفة للقتال إلى جانب قوات النظام السوري، وكذلك السماح بمرور الجسر الجوي الإيراني لمساعدة النظام السوري بحسب ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية. وترى كل من العراق ومصر في هذا التقارب مصلحة متبادلة ذات أهمية بالغة، فحكومة الإخوان المسلمين في مصر ترغب في تجاوز أزمتها الاقتصادية، وربما رأت مصر أن استخدامها للمحور الإيراني – السوري من خلال العراق، سيشكل ورقة ضغط على الولايات المتحدة الأمريكية تستطيع من خلالها الحصول على قرض مالي من صندوق النقد، وفي ذات الوقت فإن المالكي يرغب من خلال هذا التقارب في الحصول على تأييد مصري يضمن به الحفاظ على مصالح نظام بشار الأسد وحل المشكلة السورية عبر الزاوية الإيرانية. لا شك أن لمصر قدرة هائلة على تحديد أولويات مصالحها المشتركة مع العديد من الدول، ففي سبيل تحقيق مصلحتها الاقتصادية في المقام الأول، فإنه ليس من المستغرب أن يتطابق موقفها السياسي مع موقف الحكومة العراقية حول قضايا المنطقة وبخاصة الأزمة السورية، ولكن لننتظر ونرى ما سيحمله لنا مقبل الأيام، والتي ستبين لنا مدى قوة هذا التقارب ومواقف كل من مصر والعراق في قمة جامعة الدول العربية القادمة في الدوحة، خاصة فيما يتعلق بمنح مقعد سوريا للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية ورفع علم الثورة.