16 سبتمبر 2025
تسجيلالزواج شرَّعه الله عز وجل سكنا وعشرة طيبة وتعاملا بالمعروف ورحمة، ومن اختار شريكة حياته ووافقت عليه وحدث القبول بين أطراف الأسرتين، فهذا يعني أن هناك رباطا متينا لابد أن يتكون بين هذين الزوجين، وأن هناك علاقة قامت بينهما من أجل ذرية صالحة وتكوين حياة ومستقبل جديد لأجيال جديدة ومن ثم لابد أن تكون تلك الشراكة قائمة على كل معاني الزواج الطيب بعيداً عن أي مؤثرات قد تسيء إليه وتجعله بدل أن يكون قفصاً ذهبياً زاهياً، يكون من الحديد المسلح الذي يجعل من داخله يشعر بالسجن والاختناق، وهذا القفص يحتاج إلى اثنين يتآلف كل واحد منهما مع الآخر، يشعر به، يقدره، يحاول أن يتجاوز عن أخطائه البسيطة، وأن يدربه على ألا يعيد الكرة، وألا يصل إلى الأخطاء الأكبر، طرفان يتعاون كل منهما لبناء حياة جديدة من أبناء أنجابهم والذين سيكونون نواة لمجتمع جديد واتجاهات أكثر حداثة تتلاءم مع عادات وتقاليد الأهل القائمة على الدين الحنيف والأخلاق الحميدة. وما أجمله من زواج ذلك الذي يدوم لسنوات طويلة قد يصل بعضها لأكثر من ستين عاما، يتجاذب كل من أطرافه الحب والرحمة والمودة الجميلة، وهما ينعمان بتربية الذرية الصالحة التي تكبر وتؤتي ثمارها وهم في انسجام تام، تراها تلك السيدة التي خط الشيب شعرها من تحت غطاء الرأس تجالس شريك حياتها منذ الفجر، وتقدم له القهوة والتمر وتتبادل معه الحديث اللطيف ويتكرر المشهد عصراً، حيث القهوة في "الدلال" والشاي، وصحن الفواكه، وهي مازالت تقدم ما لديها بكل حب لشريك حياتها! وترد على ندائه، أمرك يا ولد العم أو باللهجة "نعم يا ولد عميّه"!! نعم مشهد جميل للأسف أصبح يغيب عن أغلب البيوت، فالمرأة مشغولة بأعمالها والرجل غائب طوال اليوم عن البيت، والأبناء في رعاية المربية، والبيت في عناية الخادم، تمر الأوقات تلو الأوقات ولا يكاد يرى أحدهما الآخر، وقد ينسى الأبناء وجهي والديهما من كثرة الانشغال. وترى المرأة وقد تملكها الملل والضيق من طلبات زوجها وأبنائها، وتظل في حالة من التذمر والانزعاج لدرجة قد تصل بها إلى نقطة خطيرة قد لا تكون فيها رجعة، نقطة الطلاق، الذي قد يحدث لأقل سبب وأتفهه قد لا يتبين ذلك السبب، إلا لمجرد أن يصل أحدهما أو كلاهما إلى أن الحياة يجب ألا تستمر بهما معاً، ولابد من الفراق، ولا تزال تتردد كلمة "الطلاق" على لسان الزوجة أو الزوج أحيانا رغم محاولات الأهل والمقربين إعادة الحياة الزوجية إلى أركانها!! فالرجل لا يرى في زوجته كما يقول البعض ما كان يتوقعه منها، وأنها قد تغيرت بعد الزواج، وبالمثل تتعلل الزوجة أن الرجل الذي اختارته لم يكن هو الاختيار الصحيح وأنه ملئ بالعيوب التي لا يمكن التجاوز عنها، وأن الطلاق هو الحل رغم أن هناك أطفالاً قد يكونون في حاجة ماسة إلى رعاية هذين الوالدين وحنانهما فلم يعد هناك الصبر والتحكم بالعواطف والعودة إلى العقل والتفكير المنطقي لدى الكثير من الأزواج هذه الأيام رغم التوعية ومحاولة التصدي للمشاكل الزوجية ولكن للأسف "لا حياة لمن تنادي". فالجميع يرفض العودة للحياة الزوجية بحجة الكرامة التي يعتقد أنها قد انهارت! ولا تفكير بما كانت عليه حياتهما أيام الزواج طوال تلك السنوات الماضية، ونكران وجحود لكل ما كان من الطرف الآخر من محاسن وفضائل، فالأمور قد تساوت ولا يمكن الرجوع عنها، فالطلاق هو الحل، ما أجمل أيام أمهاتنا وآبائنا التي استمرت لسنوات طوال، لم نر منها وهما معاً إلا كل الحب والمودة والكلمة الطيبة وطول البال والصبر وترجيح العقل، لدرجة أن المرأة قد تكون لها أكثر من ضرة ولا تستطيع أن تنطق بكلمة الطلاق؟! وما أروع أن تراجع كل فتاة وامرأة حياتها الزوجية، وأن ينظر الرجل إلى تلك الحياة بمنظار التفاؤل والحب وبُعد النظر، ويظل يقول لزوجته التي قضى معها أكثر من ثلاثين عاما "لو أن مصانع العطور عرفت عطرك لأقفلت أبوابها"!! وحبذا لو بحث كل زوج وزوجة عن تلك العطور في كل منهما لتدوم الحياة الزوجية بينهما.