11 سبتمبر 2025

تسجيل

الإعلام الحق في زمن الحرب.. أعلى درجات الشهادة

14 مارس 2011

رحم الله مصور قناة الجزيرة الشهيد علي حسن الجابر الذي استشهد ليلة البارحة قرب بنغازي في كمين نصبه مجرم الحرب ونظامه لفريق قناة الجزيرة.. وشفى الله ناصر الهدار وكل رسل الحق وشعب ليبيا الأبرياء الذين يناضلون لإسقاط طاغية من طغاة العصر لإحقاق الحق وإزهاق الباطل. لست أفتي هنا ولكننا أمام مشهد يحاول الطاغية في ليبيا ان يجتزه من الجذور باجتثاث شعب بريء من أرضه ليس من بقي على الأرض منهم ولكن من دفن شهيدا وعكف بطغيان على نبش قبورهم وإعدام وحرق كل دلائل الحقيقة التي لم يفطن انها عارية ولن يستطيع ان يخفيها بل سيحاسب عليها أمام شعبه قبل المحكمة الدولية. ليس ذلك فحسب بل إعدام كل رسول حق يحاول ان يضع الحقيقة امام المشهد العالمي، رسل الحق "الاعلاميون" الذين يشكلون في مواقع الدفاع اعلى درجات الشهادة وما ينسحب على الاعلامي اليوم ينسحب على كل امرئ شريف يرصد الحقيقة بعينه وكاميراه ليوصلها للعالم عبر وسائط الاعلام المتعددة التي يجب ان نكون فيها جميعا مراسلين. فهل رسالة الإعلام واجب أم فرض كفاية؟ واجبة عموما وأوجب في موقعها حتما اعني في مواقع النزال.. واجب إنساني حتما ليس على العرب فحسب بل على الغرب ايضا.. الوقوع على عين الحقيقة واجب علينا وعلى جميع القنوات العربية والغربية وعلى الجزيرة لأننا على قاعدة الوقوع في قلب الحدث وفي ارض المعركة الحقيقية بعد التضليل السياسي الذي شهدته معارك الشرق الأوسط على مدى قرون وان كانت ما زالت قناة الجزيرة الانجليزية محجوبة بأمر آمر عن كيبل الاشتراك الأمريكي رغم مطالب الامريكيين التي تزايدت وتصريحاتهم للإعلام التي تبين تزايد اعداد المطالبين بالجزيرة وفقا لتقرير مؤخر نشرته صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية في 24 فبراير الماضي خصوصا بعد أحداث الشرق الأوسط الثورية. وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قالت في خطاب أمام الكونغرس، يوم الأربعاء 2 مارس، إن الولايات المتحدة تخسر حربا إعلامية كسبتها قناة "الجزيرة" بجدارة موضحة: "لقد أنجزنا عملا رائعا خلال الحرب الباردة لترويج البروباجندا الأمريكية ولكننا قلنا لأنفسنا بعد سقوط جدار برلين، ممتاز لقد أنجزنا كل شيء، والآن ندفع ثمنا باهظا لذلك". وقالت كلينتون في ذات السياق "إننا الآن في حال الحرب الإعلامية ونخسرها، والجزيرة هي المتغلب. أما نفوذنا فيتقلص". إذا كان نقل الحقيقة من قبل الجزيرة وغيرها من وسائل الاعلام الحق يعد اليوم في مقام الواجب فإن قتلى رسالة الاعلام والكلمة الحرة هم شهداء حق توج الله مقامهم الأبدي في عليين. واذا كان نقل الحقيقة ايها العرب فرضا علينا ومشاهدة قنوات الحقيقة واجبة فان ذلك لا يلغي مبدأ ان مشاهدة القنوات الغربية السابقة الريادة علينا فرض كفاية إن لم تكن واجبة على قاعدة تنسحب علينا ايضا هي "من تعلم لغة قوم امن مكرهم" ولسنا نعني اللغة بمرادفها اللغوي بقدر ما نعني "ما وراء السطور" أو "ما وراء الحدث" خصوصا من إعلام من كانت على البساط في حصرية النقل لأزمات الشرق الأوسط سابقا، وذلك لكي نقف اليوم على تحليل دقيق للتدوير وتبادل الأدوار وكيفية وماهية التغطية ومدى وحجم وتحليل الخبر السياسي الأول عالميا ومحك جعل الخبر رئيسا وفقا للمصالح او نقاط الاهتمام حتى في أعتى آنية وخطورة حدث عن غيره. وهذا ما يجب أن نحلله لنفكر فيما جعلته فوكس بالأمس تغطية مركزة على ساحل السعودية الشرقي. ولا بد ان يستفيد العرب من الدرس الأمريكي الماضي ما دامت هذه هي تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية اليوم بعد فترة من النفوذ الإعلامي الأحادي الذي ظن انه الاعلام الذي لا يقهر او "إعلام الله المختار" وفي مقام دور الجزيرة الكبير في ليبيا سأل الكاتب خير الله خير الله في مقال له في ايلاف يوم الخميس نهاية فبراير الماضي لماذا نجحت قطر وفشلت ليبيا في ذات الأدوات الإعلامية والمادية المنفقة عليها؟ ببساطة لأن قطر تنظر للأمام وإعلامها تقدمي لا رجعي ولأنها تبني لا تهدم حتى لو تعرضت الجزيرة لكيل من الاتهامات بالعميلة او الصهيونية أما ليبيا فقد سخرت اموالها واعلامها البسيط لتهدم وتشوش ولأسلوب المخابرات والعصابات وإنفاق الاموال في الملاحقة والمتابعة والسب والقذف والشتم والقتل والترويع. ليس دفاعا عن مصدر قناة الجزيرة وهي قطر لأنني قطرية فليس بالضرورة علينا الدفاع عن قناة قد نتفق معها في كثير من الامور ونختلف معها في كثير منها ايضا، ولكننا نرى ان قطر احتذت بالنموذج والمدرسة الغربية في الاعلام ونحن نشأنا في أمة تؤمن بان "الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو اولى بها" وقد تفوق التلميذ على المدرس بشهادتهم، والفضل ما شهدت به الأعداء. واذا كان خطاب القذافي عن الجزيرة والتشبيهات الرعينة بالجرذان او الكلاب الضالة او حتى الحقيرة او ما الى ذلك من الفاظ سوقية لا تليق بالذوق العام والخطاب الإعلامي وحتى السياسي، ناهيك عن ان تصدر ممن يسمي نفسه قائد ثورة؟ مثل كلمة "طز... طز" بل وقتل رسلها عمدا بإجرام متعمد فهذا يشير الى منتهى الضعف والسوقية وخسارة الميدان. إن الإعلام الحق والولوج الى مصادر الأخبار لن توقفه كمائن الطغاة ومجرمي الحرب وزمرتهم، وعين الحق لن تخمد ابدا لأنها نداء الواجب المعزز بالتشريع الدولي والقوانين الدولية الذي لن يسلم مجرموه من القصاص والعقاب، وقبل التشريع لأنه نداء الواجب المعزز بإيمان الصحفي برسالة الاعلام الحق الذي لن يكون مصيره الا احدى الحسنيين النصر او الشهادة... ورحم الله شهيد الحق وعينه الساهرة على نقل المشهد ورحم الله كل الشهداء وألهم ذويهم الصبر والسلوان.. كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com