16 أكتوبر 2025

تسجيل

الطاقات البشرية المهدرة

14 فبراير 2019

ذهبت لإحدى الجهات الخدمية التي تستقبل الجمهور بشكل يومي ولديها فروع كثيرة منتشرة في الدولة، ووجدت جهازا متطورا لتنظيم الطوابير به شاشة كبيرة لاختيار الخدمة التي تريدها بعدة لغات ورسومات توضيحية، ولكن الغريب أن المركز قام بوضع موظفة أمام هذا الجهاز وظيفتها فقط أن تسألك عن نوع الخدمة التي تريدها، ثم تقوم بالضغط على الزر المناسب للخدمة لتخرج بطاقة بها رقم الانتظار! بصراحة لم أَجِد أي تفسير منطقي لتخصيص شخص لهذه المهمة البسيطة جداً، فالمؤسسة تستطيع الاستفادة من هذه الموظفة في مهام أكثر تعقيداً. لقد كرم الله الإنسان بالعقل المفكر المدبر، ولكن تتعجب من بعض المؤسسات المتناقضة التي ترصد ميزانيات كبيرة لتطوير الأنظمة لمواكبة التطور ثم يصرون على إلغاء عقول المراجعين ومعاملتهم وكأنهم مجموعة من البدائيين. كان بالإمكان تدريب رجل الأمن أو موظف الاستقبال - بالإضافة لمهامه - على مساعدة كبار السن والأميين أو من التبس عليه الأمر على استخدام هذه الأجهزة (مساعدتهم، وليس القيام بالعمل نيابة منهم)، بدلاً من تخصيص موظف لهذه المهام. في عصر المعلومات والذكاء الاصطناعي والأنظمة التي تسهل العمل على المكفوفين وأصحاب الإعاقات، أصبح من الأجدر الاستغناء عن الكثير من المهام البسيطة التي كان يقوم بها البشر في السابق واستبدالهم بالأجهزة والآلات، بدلاً من توظيف البشر - وربما استقدامهم من بلدانهم- وتخصيص رواتب وسكن ومواصلات وتحميل الدولة مسؤولية زيادة سعة الطرق والمستشفيات والأمن والبنية التحتية. علينا هنا أن نرى الصورة الأكبر، ونوجه الموظفين وندربهم ونستفيد منهم في مهام تحتاج لمهارات إنسانية معقدة. ونوجه الجمهور ونساعده للارتقاء بمهاراتهم، بدلاً من توظيف جيش من الموظفين للقيام بنفس المهام التي يستطيع عملها جهاز بسيط يكون استخدامه أسهل بكثير من استخدام جوال ذكي. Twitter: khalid606