29 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في ظل تراجع حجم الإنفاق الحكومي الخليجي بسبب تراجع الإيرادات النفطية يتزايد الحديث عن أهمية تطوير ممارسات ونماذج عقود ومشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دول المجلس.ويقول تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز إن الحكومات الخليجية يمكن أن تجد في عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص مخرجا لدعم خطط إنجاز مشاريع البنية التحتية في المنطقة خلال السنوات القادمة. وتقدر الوكالة حجم الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية خلال السنوات الأربع المقبلة بنحو 330 مليار دولار.وعلى مدى العقدين الماضيين، تم توقيع ما يزيد عن 1400 شراكة بين القطاعين العام والخاص في الاتحاد الأوروبي، وقد بلغ إجمالي رأس المال لهذه الشراكات نحو 260 مليار يورو. بينما أعلنت الصين في مايو العام الماضي أن هناك 1043 مشروعا محتملا للشراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة تصل إلى 314 مليار دولار أمريكي.وللأمانة، يمكن القول إن الحكومات الخليجية شرعت منذ أكثر من عامين في إرساء التشريعات القانونية لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فقد أصدرت المملكة العربية السعودية دليل الشراكة بين القطاعين، في حين أصدرت الكويت في أغسطس 2014 قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأقدمت دبي في أغسطس من العام الماضي على إصدار القانون نفسه. بينما تبنت قطر ضمن رؤية 2030 هذا النموذج، ويقدر أن نحو 67% من مشاريع الكهرباء القطرية في الوقت الحاضر تتم وفق نموذج الشراكة، بينما سوف يتولد المزيد منها ضمن حزمة المشاريع المخصصة لاستضافة قطر لكأس العالم والمقدرة بنحو 200 مليار دولار. وبالرغم من كافة هذه الجهود فإن مرحلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دول المجلس لا تزال في مهدها، وهي بحاجة لبنية تحتية تشريعية وفنية ومالية وبشرية متكاملة لكي تستكمل انطلاقتها، لكن يضيق المكان هنا لمناقشتها بالتفصيل.لكن يمكن القول بصورة عامة إن أهمية عقود الشراكة ترتكز على قناعة بأن مشاركة الاستثمار الخاص في تمويل وإقامة وتشغيل المشروعات الاقتصادية بكافة أنواعها يحقق كفاءة أكبر وتكلفة أقل وينهض بالتنمية الاجتماعية والمشروعات الوطنية بما يساعد في النهاية على رفع مستوى المعيشة وتحقيق معدلات التنمية المنشودة.كما يعتمد مفهوم الشراكة في التنمية أيضاً على قناعة أنها تؤدي إلى تعظيم العائد الاقتصادي والاجتماعي، حيث تركز هذه الشراكة بصفة أساسية على الانتقال من الشراكة السلبية الحتمية إلى نوع من الشراكة الفعالة التي تضمن كفاءة توزيع الأدوار الفاعلة Active Roles بين كافة الأطراف المعنية في صناعة القرار واتخاذه وتنفيذه، وذلك من خلال ضبط توازن المصالح خلال المراحل المختلفة من الاستثمار. إن حاجة التنمية في دول مجلس التعاون إلى القطاع الخاص في هذا الوقت بالتحديد ليست حاجة إلى أموال القطاع الخاص فقط في ظل تراجع الإيرادات النفطية الحكومية، بل إن حاجة التنمية للقطاع الخاص هي الحاجة إلى مفردات القطاع الخاص في العمل وإلى تنمية الاستثمارات بما يتناسب مع معطيات المرحلة وفرص النجاح. إن الحاجة للقطاع الخاص في التنمية تكمن في آليات العمل التي يتبعها القطاع والتي ترتكز على النتائج وليس على الجهود. ومن المكاسب المتحققة من وراء هذه الشراكة كونها تحقق وجود قاعدة اقتصادية – اجتماعية أوسع لبرامج التنمية والتكامل الاقتصاديين. كما تسهم في رفع كفاءة تشغيل المرافق العامة الاقتصادية ومستوى مشروعات التنمية الاجتماعية والوطنية والخليجية. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف والوصول إلى نماذج أكفأ لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص برز خلال السنوات الماضية ما يسمى "حوار القطاع العام مع القطاع الخاص" الذي يعني مشاركة القطاع الخاص في رسم سياسات التنمية الاقتصادية، إذ عالجت الأدبيات العالمية كثيرا من القضايا المتعلقة بهذا الحوار ومستلزمات نجاحه. وقد تنوعت تجارب هذه المشاركة بين دولة وأخرى. ففي بعض البلدان شهدنا تشكيل لجان حكومية – خاصة في كل وزارة وجهاز حكومي، بينما شهدت بلدان أخرى هيئات مشتركة على مستوى كل قطاع اقتصادي لتطوير استراتيجيات مشتركة خاصة بهذا القطاع. لكن في كل الأحوال يتم تنظيم عملية مشاركة القطاع الخاص وفقا لقوانين خاصة تضفي الغطاء القانوني على هذه المشاركة. كما يتولى مسئولون كبار في الدولة رئاسة هذه الأجهزة. وبدوره، يجب على ممثلي القطاع الخاص -سواء الغرف التجارية والصناعية والنقابات- أن تكون جاهزة وذات كفاءة وإمكانيات وموارد تجعلها قادرة على بلورة مواقف مشتركة للقطاع الخاص تجاه برامج التنمية وتتولى الدفاع عنها في الاجتماعات المشتركة. كما تكون قادرة على حشد التأييد والضغوط "لوبي" لكي تنجح في تبني تلك الرؤية من قبل صانعي القرار.