10 أكتوبر 2025

تسجيل

دبلوماسية طوق النجاة

14 يناير 2020

تأتي الزيارة المهمة لصاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى للجمهورية الإسلامية الإيرانية الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم وتكتسب أهمية كبيرة في ظل الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، وذلك بعد سلسلة من الأحداث الخطيرة التي جعلت دول المنطقة تتأهب لما يشبه حالة حرب تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ضد إيران، ولعل الأحداث الدراماتيكية التي أعقبت الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران وما تفرضه من حظر عليها والتهديد الإيراني المتكرر لضرب المصالح الأمريكية وشركائها والتلويح بشعار " قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق " في إشارة إلى الحظر الذي تفرضه أمريكا على بيع نفطها وخنق اقتصادها، كما جاء اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي تعتبره أمريكا من أخطر المطلوبين لديها على المصالح الأمريكية وعقدها العزم على تصفيته بعد تلقيها معلومات بأن سليماني يقف خلف أحداث الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد في الحادي والثلاثين من ديسمبر الماضي، كل هذه الأحداث تحتاج إلى تدخل عاجل من العقلاء قبل أن يحدث ما لا يُحمد عقباه ! وكعادة الدبلوماسية القطرية في سعيها الدائم إلى تخفيف التوترات والخروج بصيغة حل وانفراج للأزمات تلقى قبولا وترحيبا لدى الأطراف المتنازعة فقد قامت قطر خلال اليومين الماضيين بالدخول على طريق المواجهة الأمريكية الإيرانية على اعتبار أن كلا الطرفين المتنازعين يتوافقان على قبول أي مبادرة تحملها دولة قطر لما تتحلى به من مصداقية واحترام لدى كل الأطراف وبالتالي الوصول إلى حل فتيل هذه الأزمة والخروج بالمنطقة من أتون حرب مدمرة قد تشهدها المنطقة إذا ما تعنّت كلا الطرفين وغيّبا العقلانية والدبلوماسية المرنة ! وقد جاءت الدعوة التي وجهها سمو الأمير المفدى لأطراف النزاع إلى التهدئة وتجنّب التصعيد والركون إلى الحوار الذي اعتبره هو الحل الوحيد للأزمات في المنطقة هو محور لقائه بالقيادة الإيرانية لتجنب المنطقة من ويلات الحروب والدمار، وهو ما كان متوافقاً عليه ومقبولاً لدى الإيرانيين وأكد عليه الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي بيّن أهمية المنطقة ولاسيما المتعلق بأمن الطرق المائية في الخليج ومضيق هرمز وبحر عمان وبأن قطر وإيران سيقومان بالتعاون والتشاور لاستتباب وضمان الأمن في هذه الطرق. ولأن العابثين في مستقبل وأمن هذه المنطقة كُثُر ومن تورّط في الحروب التي تحيط بمنطقتنا لازالوا ينتهجون نفس النهج الذي لن يوصل المنطقة إلا إلى الدمار والخراب فقد جاءت الجهود الحثيثة لقطر في تخفيف التوتر بين طرفي النزاع في المنطقة بمثابة طوق نجاة وإنهاء هاجس خطير قد يرمي بالمنطقة برمتها إلى مصير مرعب وخطر حرب مدمرة ستلقي بلا شك ظلالها على العالم أجمع. لذلك فإن قطر بدخولها على خط هذه الأزمة ورغبتها الصادقة في التوسط لحل فتيلها يُكسبها بلا شك احترام الأطراف المتنازعة وأيضاً المجتمع الدولي الذي سبق وأن ثمّن وساطة قطر في العديد من الأزمات الإقليمية والدولية ولم يحيدها عن هذا النهج سهام الأعداء وغدر الغادرين. فاصلة أخيرة ترجّل السلطان الحكيم قابوس وفقد الخليج ركناً من أركانه ولم يبق لنا كخليجيين إلا مآثرة وصدق وشجاعة مواقفه التي كانت إحدى صنائع البطولات التي حافظت على كيان الخليج رغم ما يعانيه الآن من ضعف ووهن نحن فيه أحوج ما نكون إلى من هو مثل قابوس عمان وصباح الكويت. [email protected]