27 أكتوبر 2025
تسجيلفقط قبل أقل من ١٠٠ عام هي الفاصل لا غير، مائة عام فقط أجدادنا في الخليج كانوا يتضورون جوعاً ويغتربون طلبا للرزق.. في تلك الحقبة كان اهل مصر والشام والعراق يعيشون الترف والنعمة والشبع . وكانوا يتفاخرون بالموائد تماما كما نفعل نحن الآن.كان العراقيون يقولون: — مع ماء الفرات ونخله وتمره من أين يأتي الجوع ، وكان اهل الشام: يتفاخرون بأصناف الطعام ولا يأكلون البائت منه.. كان عقلاؤهم يحذرونهم من مغبة الترف في ذاك الحين، في الوقت الذي كان أجدادنا يذهبون عندهم ويعانون شظف العيش والغربة، كل ذلك لأجل لقمة يطعمون بها بطونا جوعى هنا في الخليج، ومن بقي في الخليج ولم يرحل اذله الجوع و/هدحيله/ الفقر المقدع حتى مرت عليهم سنوات عجاف أكلوا معها الجيف مع الكلاب.وخلال أقل من مائة سنة تنقلب الصورة رأساً على عقب ليعيش اهل الخليج الترف المنعم الذي أنساهم ما كان منهم بالعهد القريب حتى أصبحنا نمد موائد لا نأكلها وباشكال لا نعرف حتى أسماءها نأكل ربعها ونرمي الباقي نمدها على الحان الشيلات ولاحول ولا قوة إلا بالله.وها هم عقلاؤنا اليوم يحذرون من الاتي ولا من مجيب، ودائرة الحرب تضيق علينا حتى تكاد تخنقنا فالشام من فوقنا، والعراق بجانبنا، واليمن تحتنا ، من جوع وتشرد وفقر وحرب وألم وهذه سنة الله في كونه //ولن تجد لسنة الله تحويلا// //ولن تجد لسنة الله تبديلا// السنة الكونية هي في قوله تعالى //وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلكَ قَرْيَةً آمَرْنَا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فيها فَحَقَّ عَلَيْها القَوْلُ فدمرناها تدميرا//.وتجري علينا وعليهم الآن سنن الله التي لا تحابي فيها أحدا // وتلك الأيام نداولها بين الناس// التداول يعنى الانتقال والتحول، والتغيير من حال إلى حال، وهي سنة كونية أثبتها القرآن الكريم، فالآية الكريمة بيان لسنة الله الجارية في كونه، وتعريف /الأيام/ اشارة إلى أوقات الظفر والغلبة والفرح والغم والرخاء والشدة الجارية فيما بين الأمم الماضية والآتية، وتكون /الناس/ في الاية عامة في البشر كلهم حاكمهم ومحكومهم، وتشمل الأمراء والسلاطين بالدرجة الأولى.نسترجع قول الله تعالى في هذه الآية الكريمة لنستعيد وهج تاريخنا المجيد الذي سطر بطولات عظيمة استفادت منها الحضارة العالمية ونهلت من معينها الذي لن ينضب طوال الدهر، والواقع أن أمتنا الإسلامية والعربية لم تخفق في مسارها التاريخي إلا عندما رضت أن تعيش تحت وطأة من يحكمون بعقلية المستبد المتسلط المتفرد في حكمه ورأيه.ألم يقرأ حكامنا العرب عن تاريخ الأمم والملوك والشعوب؟ ألم يبلغهم قول الواعظ: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك؟ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم؟ ألم يعلموا أن العاقل من يتعظ بغيره؟ ألم يبلغهم أن الأمم تزول بسبب الترف، والفساد، وانتشار الظلم، والتجبر على الناس؟ ألم يبلغهم أن لغة القوة مهما كانت صارخة وقاهرة، هي منطق مترنح في النهاية، وأن دورة التأريخ لن تتوقف لأنها //سنة كونية//، ولن تجد لسنة الله تبديلا؟النعم تستجلب بشكرها وتطرد وتمحى بكفرها، إلى متى نتأثر بمثل هذه الرسائل ونؤمن بها حروفاً لا أكثر، متى ننقلها واقعاً مطبقاً نشكر فيه ولا نكفر.نعوذ بالله من كفر النعم ونعوذ بالله من الحروب والفتن ما ظهر منها وما بطن... وسلامتكم