11 سبتمبر 2025

تسجيل

المتشائمون والمتفائلون بوضع الاقتصاد العالمي في 2015 (2-2)

14 يناير 2015

مع التسليم بأن الاقتصاد يعد أحد العلوم الاجتماعية، وأن الاقتصاد تحكمه مجموعة مختلفة من المدارس الفكرية التي تتناقض بعضها أحياناً مع البعض الآخر، فقد اختلفت آراء ووجهات نظر الكثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين حول ما يمكن أن تكون عليه الأوضاع الاقتصادية للعالم في عام 2015... حيث يوجد بين هؤلاء الخبراء بعض من المتشائمين الذين يؤكدون أن هذا العام سوف يواجه بالكثير من التحديات والمشكلات الاقتصادية وانخفاض بمعدل النمو العالمي وفي مقدمتها الصين التي سوف يحقق اقتصادها أدنى معدل نمو له خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة، ودخول غالبية دول منطقة اليورو في نفق اقتصادي مظلم، وفقد الاقتصاد الياباني لتعافيه، وضعف الاقتصاد الروسي نتيجة للعقوبات الاقتصادية الغربية عليه لموقفه من الأزمة الأوكرانية، بالإضافة إلى تزايد حالة الفوضى الاقتصادية في معظم دول أمريكا اللاتينية.إلا أنه رغم كل هذه الاعتبارات السلبية السابقة، فإن هناك الكثير من الخبراء والمحللين الذين لهم منظور متفائل والذين يرون أن الاقتصاد العالمي سوف يشهد في عام 2015 تحسناً ملحوظاً، ويدعمهم في هذا الرأي بنك ستاندرد تشارترد البريطاني الذي يتوقع أن يرتفع معدل النمو العالمي في هذا العام إلى 3.4% مقارنة بمعدل 2.9% في عام 2014 "فيما بلغ توقع كل من صندوق النقد الدولي ووكالة بلومبرج الأمريكية للنمو العالمي في العام الجديد 3.2%"، مع تأكيد خبراء البنك على استعادة أكبر لثقة المستثمرين وخفض ملموس في معدلات التضخم في عام 2015 بما سوف ينعكس إيجابيا على أسواق المال العالمية.كما يرى هؤلاء المحللون الاقتصاديون من أصحاب النظرة المتفائلة حدوث انتعاش للاقتصاد الأمريكي في 2015 والذي من المتوقع أن يرتفع معدل نموه ليبلغ 3.1% "وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي"، وتوقع هؤلاء المحللون أن يلاقي الاقتصاد العالمي في 2015 دعماً واضحاً من مرونة الأسواق الناشئة بكل من آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، مشفوعاً بالمزيد من ثقة المستثمرين الكفيلة بزيادة حالة الانتعاش بالأسواق.ويبرر هؤلاء المتفائلون وجهة نظرهم المرتبطة بتحسن الأوضاع الاقتصادية في 2015 من خلال توقعاتهم المدروسة التي تفيد باستمرار البنك المركزي الأوروبي ومعه كل من البنك المركزي الياباني وبنك الصين الشعبي في تطبيق برامج التحفيز المالي والتيسير الكمي التي تقضي بضخ المزيد من الأموال لشراء الأصول وسندات المديونية، بالإضافة إلى توقع مرجح بإعادة تطبيق البنك المركزي الأمريكي لسياساته النقدية التقليدية إلى المستوى المعهود.أما فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، فقد أكد هؤلاء الخبراء الاقتصاديون على عدم تراجع السلوك الإيجابي الفعال لدى مستثمري المنطقة وفي مقدمتهم مستثمرو الدول الخليجية الغنية بالنفط والغاز والتي حققت انتعاشا اقتصاديا متميزا ومعدلات نمو مرتفعة في عام 2014 بفضل تكوينها لاحتياطيات ضخمة من العملات الأجنبية في فترات سابقة وإنفاقها الجيد على مشروعات البنية التحتية وتنويع مصادر دخلها وأنشطتها الاقتصادية، وإن تساءل البعض منهم حول قدرتها على مواصلة الإنفاق الحكومي دون مواجهة بعض الضغوط المالية في ظل الانخفاض المتوقع لأسعار النفط في عام 2015.كما يؤكد أعضاء فريق المتفائلين على تحسن مؤشرات النمو بالهند بشكل ملموس في 2015 ذلك خلافاً لمعظم دول الأسواق الناشئة ويرجع الفضل في ذلك إلى الإجراءات التي قامت بها الحكومة الجديدة لتشجيع الاستثمار والقضاء على الروتين والبيروقراطية، بالإضافة إلى تزايد مصداقية المستثمرين تجاه البنك المركزي الهندي ودوره الفعال في الحد من معدلات التضخم بالبلاد والذي بدأه في عام 2014.ويعزز هؤلاء الخبراء وجهة نظرهم المتفائلة أيضا من خلال مواصلة القارة الإفريقية، "وفي المقدمة منها منطقة جنوب الصحراء"، لمعدلات النمو المرتفعة التي تحققت في الأعوام القليلة الماضية، وزيادة ناتجها المحلي بشكل مضطرد بفضل مصانعها وصناعاتها المحلية التي لعبت دوراً مؤثراً في هذا الشأن، وما ترتب على ذلك من نظرة تفاؤلية لمستثمريها.ومع تأكيد أصحاب وجهة النظر المتفائلة بتحسن أوضاع الاقتصاد العالمي في 2015 إلا أنهم في النهاية لا يضعون سقفاً عالياً لحدود هذا التحسن، مؤكدين كذلك على أن نقاط قوة هذا الاقتصاد إنما تتركز في مناطق محددة وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وجنوب شرق آسيا وإفريقيا، وقد شبهوا هذا التحسن بالسفينة التي تعبر البحور والمحيطات ولكنها تعتمد في إبحارها على قوة الرياح والأمواج كي توفر ثمن الوقود، حتى لو أدى ذلك إلى إطالة زمن الرحلة أو تأخير موعد الوصول، وأن كل ما يعنيها فقط أن تتجه حركتها إلى الأمام.