12 سبتمبر 2025

تسجيل

شارون يعيد فضح جرائم الأنظمة

14 يناير 2014

في الوقت الذي ينتظر التراب أن يبتلع بغصة بالغة جثة الصهيوني الأكبر "آرئييل شارون" أحد أكثر الزعامات اليهودية تطرفا وإجراما، تظهر شخصيته كأكثر زعامات الكيان الإسرائيلي تنفيرا وجدلاً، التي لم تجد من يواسي تاريخه المجنون، رغم أن تاريخ الكيان الإسرائيلي مليء بالشخصيات التي كتبت أسماءها على جدار المذابح بالدم القاني، ورغم محاولة إظهاره على أنه أحد أبطال الدولة، فإن العالم المؤيد لإسرائيل لم يهتم كثيرا بالمشاركة في جنازته، ولكن لم نسمع أحد من المسؤولين العرب يؤبنه بما هو أهل له، فيذكرنا بأنه واحد من أشرس الوحوش البشرية التي تعشق الدم وجثث الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ.وحدها منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي أصدرت بيانا تأسف فيه على موت شارون قبل أن يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته عن جرائم الحرب التي قادها أبان قيادته لجيوش إسرائيل الغازية في مخيمي صبرا وشاتيلا، وهو بالنسبة لليسار الإسرائيلي كابوس كان يجلب النحس، خصوصا بعد تسببه بنشوب الإنتفاضة الثانية عقب اقتحامه للمسجد الأقصى برفقة متطرفين يهود، ومع هذا فإن موته عاد ليسلط الضوء على تاريخه، الذي يفضح أنظمة عربية وغربية وأحزابا لا تزال تتسيد الساحة في بلد كلبنان.شارون قائد القوات الإسرائيلية التي اجتاحت لبنان خلال الحرب الأهلية علم 1982 ورغم مشاركته في معارك غير متكافئة ضد القوات الفلسطينية وبعض الفصائل الإسلامية هناك، فإنه قد وفر بيئة جيدة وأسوارا عالية لقوات عنصرية موالية للنظام السوري لإبادة اللاجئين الفلسطينيين والللبنانيين السنة والمعارضين للوجود السوري في لبنان، فكانت المذابح كما لو أنها حدثت اليوم تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، دون أن يحرك أحدا من القوى العظمى ولا الصغرى جيوشه لمنع الكوارث الدموية التي حدثت في الماضي في لبنان وهاهي تحدث اليوم في سوريا.إن مذبحة صبرا وشاتيلا لم يكن شارون مضطرا لتلويث بدلته العسكرية بدماء الشهداء الأطفال، بل كل ما هنالك أنه ضرب طوقا عسكريا بقواته وقوات جيش لبنان الجنوبي الخائن بقيادة "لحد" حول المخيمان وتركوا مهمة التلذذ بالقتل الجماعي لمجموعات الكتائب اللبنانية بقيادة "إيلي حبيقة" أحد أكبر مجرمي الحرب اللبنانية، فأمعنت الكتائب والمجموعات المسلحة المتحالفة في قتل ومطاردة مئات النساء والأطفال والشيوخ الفلسطينيين هناك، وارتكبوا جرائم الاغتصاب والتمثيل بالجثث، والتدريب على استهداف الأرجل الراكضة، فيما تولت قوات شارون وعملائها الإجهاز على من فرّ، قبل أن تقصف المخيم، وكل ذلك كان تحت الغطاء السوري لنظام حافظ أسد وأزلامه في لبنان.إن موت شارون يجب أن يحي الضمير العالمي كي يهب لوقف المذابح التي ترتكب على الأرض السورية وضد الشعب السوري الأعزل، وترتكب بحق سكان مخيم اليرموك الذي يقع تحت سلطة وقبضة قوات النظام في ريف دمشق، فالمخيم يعيش تحت حصار وحشي منذ أشهر، ورغم القتل والتدمير الذي مارسته قوات الأسد على المخيم فإن موت الأطفال جوعا هناك لم يحرك الضمير العالمي، الذي يتحرك فجأة بعد أي قذيفة يطلقها عنصر جهادي من قطاع غزة نحو أراضي السلطة الإسرائيلية، ويدينها بأقسى الأوصاف.إن ما يجري من تحالف قوى الشر والاضطهاد وزعامات الدول المسكونة بالطائفية والوثنية الحاكمة في سوريا ضد الشعب السوري الذي بات يعاقب بناء على هويته الدينية والعرقية ومعتقداته السياسية يجب أن يذكر العالم بجرائم النظام السوري البعثي وأعوانه من المليشيات التي تتغير بتغير الظروف ضد مخيم تل الزعتر عام 1976 والمناطق التي كان يقطنها اللبنانيون من أبناء السنة والمسيحيين الوطنيين في لبنان، والتي سجل التاريخ أقذر العمليات الإجرامية بحق المدنيين المسالمين هناك، ودون أن تطارد العدالة أي منهم. يدخل العام الجديد ليسجل للنظام السوري ومليشيات نصر الله، نقاطا جديدة لصالحه في البقاء جاثما على صدر الشعب العربي السوري، و"العالم الديمقراطي الحرّ" بقيادة واشنطن وحلفائها الأوروبيين ما زالوا يتنزهون في مؤتمرات ولقاءات جانبية للحديث عن مؤتمر جنيف، أو الخطط القادمة، فيما يقتل في اليوم الواحد مئات الأبرياء، وتفتح الحدود لدخول عناصر إرهابية تقاتل من يقاتل ضد النظام، كي يعطي للنظام وقتا إضافيا لجمع قواه، وممارسة ألاعيبه بالتعاون مع أنظمة دكتاتورية كإيران وروسيا والصين التي تعد لمناورات قتالية حية على الأرض السورية، ستحصد أرواح عشرات الآلاف الجدد من الأبرياء لخلق محور شرقي جديد... لننتظر الأسوأ إذا بقي العرب على خلافهم والعالم على صمته، فإن مات شارون فما زال بيننا مئة شارون ولكن الفرق أنهم يقتلون شعوبهم لا أعداءهم، فالصمت على المجرم وارتكاب الجريمة يعد جريمة مساندة ومن يدعي الحفاظ على الوطن لا يقتل أبناء وطنه.