20 سبتمبر 2025

تسجيل

المونديال الذي وحد العرب

13 ديسمبر 2022

في مسلسل الانكسارات، والنكبات، الذي تعرض له العرب خلال العقود الماضية، وتحديداً ما حل بدول الربيع العربي خلال العقد الماضي، برز مونديال قطر الذي جسد أولاً قدرة العرب على النهوض بذواتهم، وبفرض أنفسهم من خلال التنمية والتحديث والتطوير، بحيث استطاعت دولة صغيرة بحجم قطر أن تفعل ما لم تفعله دول كبرى عربية وإسلامية، من الاستعداد والتهيؤ لتنظيم مونديال عالمي في وقت قصير نسبي لما تحتاجه مثل هذه الفعاليات الدولية، وعلى الرغم من العصي التي وضعت في دواليب المونديال لكن أفلحت قطر في النهاية في إدارة الأزمة التي خلقها لها البعض، وذلك من أجل حرمانها من فعاليات المونديال. أتى التحضير والاستعداد القطري للمونديال مفخرة ليس لقطر فقط، وإنما للعرب والمسلمين والدول النامية، حين أثبتت قدرتها وجدارتها في إدارة معركة البناء، ومعركة التغول الدولي على حرمانها من هذه الفعالية، ونجحت بشكل لافت في الاستفادة والاستثمار في هذه الفعالية، حين روجت للثقافة العربية والإسلامية، عبر الفعاليات والنشاطات التي أقامتها على امتداد فترة المونديال. تأهل فريق المغرب أتى ليزيد البهاء بهاءً، والفرحة فرحاً، إذ إنها المرة الأولى التي يصل فيه فريق عربي إلى ما وصل إليه، وربما لم يكن ذلك ممكناً لولا الأرض القطرية بحيث كان للمشجعين دور كبير في صنع ذلك الفوز، نظراً لكثرة المشجعين العرب الموجودين على الأرض القطرية، وبالتالي لعبت الكرة دوراً لافتاً ومهماً اليوم في توحيد العرب وحشد طاقاتهم وهمتهم نحو رص صفوفهم وتوحيدها، وأثبتوا من جديد أن الكرة ما هي إلا وسيلة وأداة لهذا التوحد، كما أثبتت الكرة والمونديال على حالة التشوق والطموح والرغبة العربية في البحث عن أي نجاح حتى ولو كرويا، ليتم من خلاله شد عصب المحبة والتقارب والمودة بين أبناء العرب من المحيط إلى الخليج، وحتى بين أبناء الأمة المسلمة كما رأينا ولمسنا من تفاعل ودعم وتشجيع نواب البرلمان التركي، وكذلك أبناء ماليزيا وغيرهما من البلدان الإسلامية. كانت الصورة الجميلة حين شاهدنا كلنا اللاعب المغربي الفائز في مباراته مع البرتغال يرقص على أرض الملعب مع والدته، في الوقت الذي يحرص آخرون في مثل هذه الحالات، على الرقص مع عشيقاتهم وحبيباتهم، فأرسلت الصورة بذلك رسالة واضحة وجلية على مكانة الأم في وسط العرب والمسلمين، وأرسلت دليلاً واضحاً على تماسك الأسرة العربية، ومدلولات القيم التي تحملها هذه الأمة بين جنباتها، فكانت بذلك دعوة للقيم العربية والإسلامية بشكل غير مباشر، ولعل الدعوات غير المباشرة، والإشارات بشكل عام أبلغ وأقوى من الدعوات الصريحة الواضحة.