15 سبتمبر 2025

تسجيل

القمة الخليجية ومسيرة 35 عاما من التعاون

13 ديسمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تضمن إعلان الرياض الصادر عن القمة الخليجية التي اختتمت أعمالها نهاية الأسبوع الماضي في الرياض إشارات واضحة وأكيدة إلى ضرورة تسريع تنفيذ مشاريع التكامل الاقتصادي الخليجية، ولاسيَّما الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة، بل وذهب أبعد من ذلك بوضع جدول زمني للانتهاء من تفعيل هاتين الخطوتين خلال العام المقبل. وهذه النصوص تؤكد مما لا يدع للشك أن مسيرة العقود الثلاثة والنصف السابقة من التعاون برهنت على حاجة دول المجلس لآليات تنفيذ فاعلة تتجاوز مرحلة القوانين الاسترشادية والاستراتجيات البعيدة المدى والقرارات العليا إلى مرحلة آليات وبرامج التنفيذ الملزمة والقرارات التنفيذية لقرارات القمم، وهذا ما يأمل المواطن الخليجي في رؤيته بعد القمة الخليجية الأخيرة. فنحن نلمس لمس اليد تأخر تنفيذ العديد من الخطوات والقرارات المهمة بما في ذلك الاتحاد الجمركي الموحد الذي أعلن عنه عام 2003 أي قبل 13 عاما. كما يلاحظ أن دول مجلس التعاون لا تزال تدرس تكامل أسواق المال الخليجية وفتحها دون قيود مما يعني غياب العمق الاستثماري الخليجي أمام مواطني دول المجلس. وتتحدث تقارير عن التوجه لدراسة وضع نظام ضريبي يطبق بصفة جماعية في دول المجلس بما في ذلك ضرائب القيمة المضافة، إلا أنه من المعروف تفاوت مستوى دخل الأفراد والمؤسسات بصورة ملحوظة في دول المجلس.وتفعيل قيام السوق الخليجية المشتركة لا يزال يصطدم بمساواة مواطني المجلس في حقوق العمل والأجور والضمان الاجتماعي وغيره، كذلك حرية تأسيس الشركات والاستثمار في الأسهم والعقارات وإقامة فروع للبنوك التجارية وغيرها. ورغم اختفاء القيود الجمركية على التبادل التجاري، فإن تعدد المنافذ الجمركية وتكرار التفتيش والمعوقات غير الجمركية ولاسيَّما تلك التي تحصل في المنافذ الجمركية لا تزال تأخذ حيزا كبيرا من اجتماعات وزراء المالية والاقتصاد والأجهزة المعنية وهموم التجار من مصدرين ومستوردين. وصحيح أن المبادلات التجارية البينية بين دول المجلس تضاعفت سبع مرات، إلا أن نسبتها من مجموع التجارة الخارجية لدول المجلس لا تزال لم تتجاوز 10%، وهو نفس المعدل الذي ظل سائدا طوال العقدين الماضيين تقريبا. علاوة بالطبع على قضايا عديدة لا تزال خلافية بشأن تطبيق الاتحاد الجمركي الموحد من بينها آليات احتساب القيمة الجمركية وصندوق الإيرادات الجمركية وتوزيعه والتعويضات. وتفتخر دول المجلس بأنها حققت خطوات متقدمة في مجال التنمية البشرية، حيث جاءت جميعها في مراتب متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية والإنسانية عربيا ودوليا لكنها لا تزال تعاني من معدلات عالية للبطالة خاصة في صفوف الشباب رغم أنها تستضيف نحو 15 مليون عامل أجنبي. وهنا يلاحظ غياب معالجات خليجية موحدة لمشكلة البطالة، حيث حذر صندوق النقد الدولي دول المجلس من ارتفاع أعداد العاطلين بما يتراوح ما بين مليونين إلى 3 ملايين عاطل خلال السنوات الخمس القادمة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات تصحيحية في أسواق العمل. وقال الصندوق إن التقديرات تشير إلى نحو 7 ملايين وظيفة تم توفيرها في أسواق العمل الخليجية خلال العقد الماضي، إلا أن نحو مليوني وظيفة فقط من هذه الوظائف ذهبت للمواطنين من دول المجلس. ويشير إلى أن زيادة نسبة البطالة في صفوف المواطنين لا تعود إلى عدم توفر الوظائف، بل بسبب عدم توافق مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، وتدني الأجور، علاوة على جاذبية الوظائف في القطاع العام. وأخيرا، وليس لنا حاجة للإسهاب بأن الوضع الاقتصادي الراهن المخيم عليه الانخفاض المريع في الإيرادات النفطية يحتم دون شك تنويع مصادر الدخل، وهذا لن يتم في ضوء اقتصادات صغيرة مجزئة، بل يتطلب إقامة اقتصاد كبير له عمق بشري ومادي يوفر متطلبات الإنتاج الكبير. لقد سارت تجربة الاتحاد الأوروبي نحو تقليص السيادة الوطنية لصالح المشروع الوحدوي الأوروبي، وعلى دول التعاون أن تبني تدريجيا مؤسسات خليجية مشتركة تمتلك صلاحيات تسيير مشاريع التكامل الاقتصادي الخليجي في كافة جوانبه.كما أن القطاع الخاص لا يزال يطالب بشراكة حقيقية في التنمية على مستوى التخطيط والتنظيم والتنفيذ، وهذا يجب أن يترجم بدوره في قيام عمل مؤسسي يبدأ من اجتماعات القمم الخليجية ويمر عبر كافة الأجهزة التخطيطية والتنفيذية في الأمانة العامة.والمواطنون الخليجيون يتطلعون أيضا لوحدة اقتصادية يتلمسونها لمس اليد، ويجنون ثمارها في مواقع حياتهم الاجتماعية والاقتصادية، وفي وظائفهم ومساكنهم وأحيائهم وتسهم في صناعة الحياة بحرية وفاعلية وصدق تخرج دول المجلس من حالة الانكشاف الخارجي إلى حالة اندماجية تكاملية قادرة على الاستمرار والنمو، كما تخلق كتلة اقتصادية قوية قادرة على التطور والنمو والمنافسة عالميا.