20 سبتمبر 2025

تسجيل

القيادة و كتاب فن الحرب ثوابت قيادية (2)

13 ديسمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); فن القدرة على سبر اغوار الاخرين ومعرفة الدوافع التي تحركهم فنٌ يتقنه من يمتلك الذكاء العاطفي Emotional Intelligence . و هو فن قيادي بامتياز يمكن اختصار تعريف الذكاء العاطفي بالقدرة على التحكم بالعواطف ،إلا أن ذلك يتطلب مهارات عديدة و تمّرسها يكسب القائد القدرة على الانصات و تقييم الشخصيات بنظرة ثاقبة متأنية لاختيار الانسب لمهام محددة . و كم من الاخطاء التي تكرر نفسها مكاناً و زماناً عندما يكون اختيار الشخصيات للمناصب القيادية غير موفقا؟! و في مشهد شبيه من فليم المصارع Gladiator حين شاءت الاقدار أن ينجو قائد الجيش الروماني ماكسميوس فيلتقطه المارة ليباع بثمن بخس في سوق النخاسة ليصبح مصارعا في حلبة التسلية. كم كان مثيرا للسخرية أن هذا المصارع الذي يمتع المتفرجين في حلبة المصارعة بالتفنن في طرق قتل المصارعين، و الناس تظن أنه مصارع متفوق عن باقي المتصارعين لم يخطر ببالهم انه خَبِرَ ساحات الوغى قائدا لأعظم الجيوش في ذلك الوقت و انه قاد جيشه من نصر إلى آخر، فالتقليل من قدرات الاخرين خطأ استراتيجي فادح. ذاع صيت المصارع ماكسميوس فأخذه سيده إلى حلبة الكوليسيوم فقد أعد الإمبراطور الابن عروضا لمسابقات المصارعين احتفالا بذكرى والده . دخلت عربات مسننة تحيط بهم من كل الجهات في هذا يقول سن تزو: «حين لا يوجد مهرب من الموت سيستبسل الجنود بكل ما لديهم من قوة، ففي مواجهة القدر المحتوم لا يوجد شيء يخيفهم، و حيث لا يوجد مفر سيقفون بجانب بعضهم البعض.» أستغل القائد المصارع هذا المبدأ الحربي، فأصدر أوامره التي أُطيعت فورا رغم انه ليس قائدا للجيش بل مصارع مثلهم. حدد علم القيادة الحديث هذا النوع من القيادة بالظرفية Situational leadership فهذا النوع إن عكست ترجمته الحرفية عمق المعنى فهي تعني أن يختار القائد نوع القيادة المناسب حسب الظروف المحيطة، مما يتطلب مرونة عالية تتعدى القدرة على التأقلم بل التأثير في الوضع القائم. في مشهد لا يتعدى اربع دقائق في فليم المصارع جسد القائد المصارع هذا النوع من القيادة في تأثير كاريزمي متقن عندما راءه زملاؤه المصارعون كيف يقتل بلا رحمة و لا خوف فاصبحوا مثله لا شيء يخفيهم و لا شيء يوقفهم عن النصر. الصفات القيادية تبرز وقت الازمات ، فمن يمتلك القدرة القيادية لا ينتظر المنصب لإحداث تغيير ايجابي في حياة الناس. قضى المصارع القائد هو و زملائه المصارعين على جميع من في الحلبة، عبر تنفيذ استراتيجية اتخاذ وضعية الدفاع. يقول سن تزو «المرء يتخذ وضع لدفاع حينما لا تكون القوة كافية، و يهجم حين يتوافر فيض منها». لا يكفي أن يعرف القائد استراتيجية النصر ينبغي أن يكون قادرا على تنفيذها. يكون ذلك قبل كل شيء عبر امتلاك القائد القدرة على قراءة الواقع، و استغلال الفروق التكتيكية في القوة للحصول على النصر. و لا تكتمل الصفات القيادية الا بامتلاك الجرأة و المخاطرة و هو ما شدد عليه علم القيادة الحديث حيث حدد متطلبات القائد الناجح في عالم المال بأن يتصف بالمخاطر الغير متقوقع على نفسه. جسد المصارع دور القائد بجدارة فكان يقود من الامام و لا يملي اوامره من الخلف. عندما كان قائدا للجيش تراه في معمعة الميدان كذلك الرئيس التنفيذي الناجح دائما تراه في الميدان ليس فقط ليكون قدوة، وانما العمل الميداني يمّكن القائد من فهم طبيعة التحديات التي تواجه العمل للخروج بحلول واقعية. اختيار الشخصية المناسبة لمهمة محددة تمثل تحديا كبيرا في ظل التغيير المتسارع لمتطلبات سوق العمل ، فلم تعد المقدرة الفنية المتراكمة فقط عاملا حاسما في الاختيار مثل السابق ، فما هي الصفات القيادية المطلوبة اليوم التي فرضتها نوعية المهام الجديدة؟ و ما هي معايير الاختيار؟.ملاحظة :المقتطفات الواردة في المقال هي من الكتاب الصيني فن الحرب ترجمة ناصر الكندي الصادر عن مؤسسة الرؤيا للصحافة و النشر.