20 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الغرور صفةٌ قاتلةٌ، لذا ركز علم القيادة على صفة التواضع كأحد أهم الصفات الواجب توافرها في من يتولى أي منصب قيادي. الكبرياء المصطنع يحجب الرؤية السليمة للأمور فيفشل القائد في أي ميدان كان إذ ما عُميت بصيرته فلا يعد يرى إلا نفسه.الأنانية صفة ملازمة للغرور، وهي من الصفات السهلة على المرؤوس اكتشافها بل إنه يشم رائحة المصلحة الشخصية في رئيسه من بعيد لذا لا تلبث الكوادر البشرية فترة طويلة تحت قيادته. وتناولا لفيلم المصارع Gladiator وفي مشهده الأخير حين أوهم الغرور الإمبراطور الابن أنه عندما يطعن المصارع القائد في يديه قبل نزاله سيضعف قواه، إلا أن الخسة والدناءة لا تنتصران على الإقدام الممتزج بالحنكة. محاولات تلو الأخرى من الإمبراطور الابن للقضاء على المصارع القائد سبقت نزالهم الأخير، مرة باختيار أعتى مصارعي الرومان لنزاله في الحلبة ومرة بإطلاق أسود جائعة ظنا منه أن قوة العضلات قد تهزم من مات في قلبه الخوف. عندما رأى السيناتور أن المصارع القائد يتحدى الامبراطور، أحس أحد منهم أنه يمكنهم التخلص من الامبراطور إذا ما مكنوه من قيادة الجيش. لكن هذا السيناتور بقي حائرا إذا أدخل القائد المصارع الجيش إلى داخل روما وقضى على الامبراطور فهل سيتنازل بعدها عن الحكم هكذا ببساطة بعدما يحقق كل هذا المجد؟ النبل والإخلاص يستعصي فهمها على من يعيش في جو تغلب عليه المصالح الشخصية على المصلحة العامة. أخطأ الإمبراطور الابن خطأً مميتا عندما نازل المصارع (ماكسميوس) قائد الجيش السابق، ليس فقط لأن قائد الجيش يفوقه قوة وشجاعة بل لا شيء لديه ليخسره، يقول سن تزو "لا تحكم الضغط على عدو لم يعد لديه ما يخسره". "إن من يعرف عدوه، ويعرف نفسه لن يهزم حتى في مائة معركة، ومن لا يعرف عدوه في حين يعرف نفسه فسيعاني من هزيمة مقابل كل نصر يحالفه، أما من لا يعرف عدوه ولا يعرف نفسه فسينال الهزيمة في كل معركة يخوضها". هذه هي عبقرية سن تزو في كتاب فن الحرب التي بعد الألف السنين جاء علم القيادة ليركز على أهمية معرفة النفس self-awareness و تحديد نقاط قوتها وضعفها. فأبسط فوائد معرفة النفس هي الحنكة في اختيار فريق العمل المكملين لبعضهم البعض، فلا يفرض القائد احترامه إن حاول تقمص دور الخبير في كل شيء.الرؤساء التنفيذيون يدركون اليوم أن قوتهم تكمن في قوة الفريق، فلا يعشقون الأضواء ليخطفوها من أعضاء الفريق المستحقين للتقدير. ليس هناك أخطر من عدم نقل الخبرات فتبقى المؤسسات في دوامة لا تنتهي من نقص الكفاءات. هناك الكثير من الرؤساء التنفيذين يعتقدون أن وظيفتهم صياغة الاستراتيجيات في مكاتب مغلقة، وليس تغيير سلوك موظفيهم بما يرفع إنتاجيتهم عبر توفير بيئة العمل المحفزة.ركز علم قيادة المؤسسات على أهمية بيئة العمل، وما من شيء مهما كانت بساطته الا ويؤثر في بيئة العمل.الجدير بالذكر أن علم قيادة المؤسسات ربط ما بين الهيكل التنظيمي للمؤسسة وتأثيره على سلاسة التواصل وانتقال المعلومة فكلما زادت سلسلة المراتب الهرمية (Hierarchy) ازداد التواصل تعقيدا. نرى أمثلة شائعة لمحاولة من يتبوء منصب قيادي الالمام بما يدور في مؤسسته عبر أساليب بدائية في تحصيل المعلومة مع أن وصفة النجاح معروفة. فالصفات القيادية كالقدرة على المواجهة والمصارحة بشفافية وحزم هامة جدا فليس أسوء من بيئة بعيدة عن المهنية تترك المجال للقيل والقال فالقرارات تبنى على معلومات ميدانية مؤكدة بعيدة عن العاطفة. لا شك أن الرئيس التنفيذي يٌطلب منه اليوم الكثير حتى يجيد مهارات كهذه، فماذا أعددنا لمواجهة تحديات القيادة المستقبلية؟ أما آن الأوان لنركز على تدريس مهارات القيادية منذ مراحل التعليم المبكرة؟ البيئة والظروف هي من تصنع الشخصيات كما قال الوردي في تحليله لمنطق ابن خلدون فهل بيئة العمل تصنع لنا قيادات؟ ملاحظة: المقتطفات الواردة في المقال هي من الكتاب الصيني فن الحرب ترجمة ناصر الكندي الصادر عن مؤسسة الرؤيا للصحافة والنشر.