29 أكتوبر 2025
تسجيلالفلول – وسائر أركان النظام - شركاء الطغاة في سائر جرائمهميُنسب إلى الشافعي (رحمه الله تعالى)إِذا ما ظالِمُ استَحسَنَ الظُلمَ مَذهَباً .. وَلَجَّ عُتُوّاً في قَبيحِ اِكتِسابِهِفَكِلهُ إِلى صَرفِ اللَيالي فَإِنَّها .. سَتُبدي لَهُ ما لَم يَكُن في حِسابِهِفَكَم قَد رَأَينا ظالِماً مُتَمَرِّداً .. يَرى النَجمَ تيهاً تَحتَ ظِلِّ رِكابِهِفَعَمَّا قَليلٍ وَهُوَ في غَفَلاتِهِ .. أَناخَت صُروفُ الحادِثاتِ بِبابِهِفلا فضة تحميه عند انفضاضه .. ولا ذهب يثنيه عند ذهابهفَأَصبَحَ لا مالٌ وَلا جاهُ يُرتَجى .. وَلا حَسَناتٌ تَلتَقي في كِتابِهِوَجوزِيَ بِالأَمرِ الَّذي كانَ فاعِلاً .. وَصَبَّ عَلَيهِ اللَهُ سَوطَ عَذابِهِمن واجب هذه الشعوب أن تدفع الضيم عن كاهلهاوإلى الشاعر محمود سامي البارودي إِذا المرءُ لم يدفَعْ يدَ الجور إِن سطَتْ .. عليه فلا يأسفْ إِذا ضاعَ مجدُهُوأقتلُ داءٍ رؤيةُ المرءِ ظالماً .. يسيءُ ويتلى في المحافلِ حمدُهُعلامَ يعيشُ المرءُ في الدهرِ خاملاً .. أيفرحُ في الدنيا بيومٍ يعُّدهُ يرى الضيمَ يغشاه فيلتذُّ وقعُهُ .. كذي جَرَبٍ يلتذ بالحك جلدُهُوإلى عنترة العبسيموتُ الفتى في عزةٍ خيرٌ له .. من أن يبيتَ أسيرَ طَرْفِ أكحلِلا تسقني ماءَ الحياةِ بذلةٍ .. بل فاسقني بالعزِّ كأسَ الحنظلِماءُ الحياة بذلةٍ كجهنمٍ .. وجهنمٌ بالعزِّ أطيبُ منزلِوفي الحديث (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ ) ويقولون: "أعن أخاك ولو بالصوت"، أي إن لم تقدر على معونته بيدك فاستصرخ له حتى يغاثوقيل: حافظ على الصديق ولو على الحريقوقيل: أفضل الكرم أن يكون الرجل عند النائبة أكرم وفاء وأمحض صفاء ولتكن معاونتك أخاك بمهجتك عند البلاء، أكثر منها عند الرخاءوالسؤال الآن: هل يعفى أفراد النظام، وسائر موظفي حكومته،وكافة المسؤولين الذين كان على رأسهم، هل يعفيهم من المسؤولية عن الفساد والإفساد،والظلم والبغي والدمار والتخريب والقتل والسفك، الذي عاني منه الشعب خلال عهده كون ولي الأمر هو الذي أمرهم بذلكوالجواب: كلا لا يعفيهم ذلك، وإنما المسؤولية مشتركة والكل راع ومسؤول،هو مسؤول وهم مسؤولون، لنصوص كثيرة، وشواهد وفيرة ذاخرة من الكتاب والسنة والقواعد الشرعية والتاريخ منها1-قال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوي، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" ووجه الدلالة أن تعاونهم معه لم يكن على البر والتقوي وإنما كان على الإثم والعدوان وهو منهي عنه شرعا2-قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون" ووجه الدلالة أنهم بمطاوعتهم له على الخيانة قد خانوا ورسوله والمؤمنين وخانوا أنفسهم3-يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" أمر الله تعالى في هذه الآية الكريمة بطاعته جل وعز أولا، وهي امتثال أوامره واجتناب نواهيه، ثم بطاعة رسوله صلوات الله وسلامه عليه ثانيا، فيما أمر به ونهى عنه، ثم بطاعة الأمراء ثالثا، وعند الأمر بالطاعة أتي بلفظه" أطيعوا" مرتين،وعند أولى الأمر لم يُعد " أطيعوا" قال العلماء : في ذلك إشارة إلى أن طاعتهم ليست مستقلة عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلوات الله وسلامه عليه، فدورهم الأساس تنفيذ أوامر الله وأوامر رسوله المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم،ولهم حق الطاعة إذا أطاعوا الله تعالى وأطاعوا رسوله فإذا عصوا الله أو رسوله، أو أمروا بمعصيتهما فلا طاعة لهما،وهاك البيان الأكثر وضوحا في هذا المعنى4-روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنهما - قال: نزل "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" في عبدالله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية. قال أبو عمر: وكان في عبدالله بن حذافة دعابة معروفة؛ ومن دعابته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره على سرية فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويوقدوا نارا؛ فلما أوقدوها أمرهم بالتقحم فيها، فقال لهم: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاعتي ؟ ! وقال: (من أطاع أميري فقد أطاعني ). فقالوا: ما آمنا بالله واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار ! فصوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهم وقال: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق قال الله تعالى: "ولا تقتلوا أنفسكم "النساء: 295-وفي الصحيح "مَنْ رَأَى مُنْكَرا فَلْيُغَيّرْهُ بِيَدِهِ فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ"6-وفي الصحيح عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ، فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَإنْ أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ، فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَةَ".7-وفى الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةٌ إِلَّا لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ وَبِطَانَةٌ تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّه8-وجاء تحت عنوان اختيار السلطان لأهل عمله لابن عبد ربه فى عقده الفريد، لابن هبيرة يوصي مسلم بن سعيد حين وجهه إلى خراسان: لما وجّه عمر بن هبيرة مسلم بن سعيد إلى خراسان قال له: أوصيك بثلاثة:حاجبك، فإنه وجهك الذي به تلقى الناس: إن أحسن فأنت المحسن، وإن أساء فأنت المسيء؛ وصاحب شرطتك، فإنه سوطك وسيفك: حيث وضعتهما فأنت وضعتهما؛ وعمّال القدر "2" قال: وما عمال القدر؟ قال: أن تختار من كل كورة رجالا لعملك، فإن أصابوا فهو الذي أردت، وإن أخطئوا فهم المخطئون وأنت المصيب، ولكلّ حصته من العدل، ومنزلته من الحكمأنوشروان: ما عدل من جارت قضاته، ولا صلح من فسدت كفاءتهوثمة جملة من القواعد الشرعية منها9-أن الإعانة على المحظور محظورة، والإعانة على المعصية معصية،وكل ما أدي إلى حرام فهو حرام10-قيل لشريح رحمه الله: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت ونصف النّاس عليّ غضبان، وقال رجل لشريح: قضيت عليّ بالجور وليد خلنّك الله النار قال: إذا يدخلها سبعة قبلي من ولّاني ومن علّمني هذا الحكم ومن جاء بك مدعيا والشاهدان والمزكيان.11-روت كتب التاريخ والتراجم والسير إبان خلافة معاوية – رضي الله عنه - "أَنَّ زِيَادًا بَعَثَ الْحَكَمَ بْنَ عَمْرٍو الغفاري عَلَى خُرَاسَانَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَصَابُوا أَمْوَالا عَظِيمَةٍ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ زِيَادٌ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كَتَبَ إِلَيَّ أَنْ أَصْطَفِيَ لَهُ الصَّفْرَاءَ وَالْبَيْضَاءَ فَلا تَقْسِمْ بَيْنَ النَّاسِ ذَهَبًا وَلا فِضَّةً. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سَلامٌ عَلَيْكَ. أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَذْكُرُ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وَإِنِّي وَجَدْتُ كِتَابَ اللَّهِ قَبْلَ كِتَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. وتلا قوله تعالى :" وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ" وَإِنَّهُ والله لو كانت السماوات وَالأَرْضُ رَتْقًا عَلَى عَبْدٍ فَاتَّقَى اللَّهَ لَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْهُمَا مَخْرَجًا. وَالسَّلامُ عَلَيْكَ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: اغْدُوا عَلَى فَيْئِكُمْ فَاقْسِمُوهُ12-كتب عدي بن أرطأة إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد، فإن قبلنا قوم لا يؤدون الخراج إلا أن يمسهم العذاب. فاكتب إلي رأيك فيهم. فكتب إليه: أما بعد، فالعجب لك كل العجب. تكتب إلي تستأذنني في عذاب البشر، كأن إذني لك جنة من عذاب [الله] . وكأن رضاي ينجيك من سخط الله. فمن أعطاك ما عليه عفواً فخذه منه، ومن أبي فاستحلفه وكله إلى الله تعالى. لأن يلقوا الله بجرائمم أحب إلي من أن نلقاه بعذابهم. والسلام13-جاء رجل من مصر إلى عمر رضي الله تعالى عنه فقال: يا أمير المؤمنين، هذا مقام العائذ. فقال: لقد عذت عياذاً. فما شأنك؟. قال: سابقت ولد عمرو بن العاص فسبقته، فجعل يقنعني بسوطه ويقول: أنا ابن الأكرمين. وبلغ عمراً فحسبني خشية أن آتيك، فانفلت. فكتب عمر إلى عمرو: إذا أتاك كتابي هذا فاشهد الموسم أنت وابنك. وقال للمصري: أقم حتى يقدم عمرو ويشهد الحج. فلما كان وقت قدومه رمى إليه بالدرة فضرب ولد عمرو وعمر يقول: اضرب ابن الأمير حتى قال: يا أمير المؤمنين، قد استغنيت. ثم قال: ضعها على صلعة عمرو. فقال: يا أمير المؤمنين، ضربت الذي ضربني. فقال: ايم الله، لو فعلت ما منعك أحد حتى تكون أنت الذي تنزع. ثم قال: يا عمرو، متى تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟14-كان الإسكندر يقول: "يا عباد الله إنما إلهكم الله الذي في السماء، الذي نصر نوحاً بعد حين، الذي يسقيكم الغيث عند الحاجة، وإليه مفزعكم عند الكرب. والله لا يبلغني أن الله أحب شيئاً إلا أحببته واستعملته إلى يوم أجلي، ولا أبغض شيئاً إلا أبغضته وهجرته إلى يوم أجلي. وقد أنبئت أن الله يحب العدل في عباده ويبغض الجور من بعضهم على بعض. فويل للظالم من سيفي وسوطي. ومن ظهر منه العدل من عمالي فليتكئ في مجلسي كيف شاء، وليتمن علي ما شاء فلن تخطئه أمنيته. والله المجازي كلاً بعمله15-سليمان بن عبد الملك يسارع فى البراءة إلى الله تعالى من ظلم يقع في ولايته، قال له رجل وهو جالس للمظالم: "ألم تسمع قول الله تعالى: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) قال: فما خطبك؟ قال: وكيلك اغتصبني ضيعتي وضمها إلى ضيعتك الفلانية. قال: فضيعتي لك وضيعتك مردودة إليك". وكتب إلى الوكيل بذلك وبصرفه من عمله16-القاضي ابن بشير خشية أن يكون شريك الخليفة المعاصر له، يتلطف في رفع المظالم إليه ليزيلها حتى يبرأ من إثم المشاركة فيها،ولى القضاء ابن بشير الفقيه، للخليفة الحكم المستنصر بالله فاشترط على المستنصر نفوذ الحكم فيه فمن دونه. فكان من أخباره أن امرأة منقطعة كان لها أريضة تجاور بعض قصور الأمير، فاحتاج إليها ليبنى فيها شيئا مما أراد بناءه، فساومها الوكيل فى البيع/ فامتنعت، فأخذها الوكيل قهرا وبنى فيها منظرة بديعة وأنفق عليها جملة وافرة. فوقفت المرأة لابن بشير القاضى وقصّت عليه قصتها، فركب حماره وجعل عليه خرجا كبيرا لا يطيق حمله إلا جماعة من الرجال. وقصد الزهراء والمستنصر فى تلك المنظرة، فدخل عليه فقال: ما جاء بالقاضى فى هذا الوقت؟فقال: أريد ملء هذا الخرج من تراب هذا الموضع! فتعجّب منه الحكم وأمر فملىء الخرج ثم خلا القاضى به فقال: أدل عليك إدلال العلماء على الملوك الحلماء أن لا ينقل هذا الخرج على الحمار إلا أنا وأنت! فضحك الحكم وقال: فكيف نطيق ذلك أيها القاضى؟ فبكى ابن بشير وقال: فكيف نطيق أن نطوق هذا المكان أجمعه من سبع أرضين فى حلقى وحلقك يوم القيامة وأنا شريكك فى الإثم إن رضيت هذا الحكم؟ وقصّ عليه القصة،فبكى الحكم وقال: وعظت فأبلغت أيها القاضى! ثم خرج عن المكان وسلّمه إلى المرأة بكل ما بنى فيه وغرس17-العالم الجليل ابن طاووس، يتوقف عن مناولة الخليفة المنصور دواة خشية أن يكتب بمدادها ظلما، فيشاركه الإثم فى هذا الظلم،عن مالك بن أنس قال: بعث إلىّ أبو جعفر المنصور وإلى ابن طاوس؛ فأتينا فدخلنا عليه، فإذا هو جالس على فرش قد نضدت، وبين يديه أنطاع قد بسطت، وجلاوزة بأيديهم السيوف يضربون بها الأعناق، فأومأ إلينا أن اجلسا فجلسنا، ثم أطرق عنا طويلا، ثم رفع رأسه والتفت إلى ابن طاوس فقال: حدّثنى عن أبيك؛ قال: نعم، سمعت أبى يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أشدّ الناس عذابا يوم القيامة رجل أشركه الله فى حكمه فأدخل عليه الجور فى عدله»؛ فأمسك ساعة؛ قال مالك: فضممت ثيابى من ثيابه مخافة أن يملأنى من دمه؛ ثم التفت إليه أبو جعفر فقال: عظنى يابن طاوس؛ قال: نعم يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ؛ قال مالك:فضممت ثيابى من ثيابه مخافة أن يملأنى دمه؛ فأمسك ساعة حتى اسودّ ما بيننا وبيته، ثم قال: يابن طاوس ناولنى هذه الدواة؛ فأمسك؛ فقال: ما يمنعك أن تناولنيها؟ قال: أخشى أن تكتب بها معصية لله فأكون شريكك فيها؛ فلما سمع ذلك قال: قوما عنّى؛ فقال ابن طاوس: ذلك ما كنّا نبغى منذ اليوم. قال مالك: فما زلت أعرف لابن طاوس فضله18-إن كافة الحكومات والمجالس النيابية والمحافظين، وكل من ولي عملا لهؤلاء الرعاة الطغاة شركاء لهم في بغيهم وفسادهم، ولعل أديب العربية المنفلوطي – رحمه الله – قد أوجز وابلغ في ذلك البيان. فى قوله في النظرات. أيها المجرم الفاتك الذي يسلب الخزائن نفائسها، والأجسام أرواحها، لست أحمل عليك من العتب فوق ما يحتمله ذنبك، ولا أنظر إليك بالعين التي نظر بها إليك القاضي الذي قسا في حكمه عليك؛ لأني أعتقد أن لك شركاء في جريمتك فلا بد لي من أن أنصفك وإن كنت لا أستطيع أن أنفعك. شريكك في الجريمة أبوك؛ لأنه لم يتعهدك بالتربية في صغرك ولم يحل بينك وبين مخالطة المجرمين، بل كثيرا ما كان يبخبخ لك إذا رآك هجمت على تربك وضربته، ويصفق لك إذا رأى أنك تمكنت من اختلاس درهم من جيب أخيك أو اختطاف لقمة من يده، فهو الذي غرس الجريمة في نفسك وتعهدها بالسقيا حتى أينعت ونمت وأثمرت لك هذا الحبل الذي أنت معلق به اليوم، وها هو ذا الآن يذرف عليك العبرات، ويصعد الزفرات ولو عرف أنها جريمته وأنها غرس يمينه لضحك مسرورا بغفلة الشرائع عنه، وسجد لله شكرا على أن لم يكن حبلك في عنقه وجامعتك في يدهشريكك في الجريمة هذا المجتمع الإنساني الفاسد الذي أغراك بها، ومهد لك السبيل إليها، فقد كان يسميك شجاعا إذا قتلت، وذكيا فطنا إذا سرقت، وعالما إذا احتلت، وعاقلا إذا خدعت، وكان يهابك هيبته للفاتحين، ويجلك إجلاله للفاضلين، وكثيرا ما كنت تحب أن ترى وجهك في مرآته فتراه وجها أبيض ناصعا فتتمنى لو دام لك هذا الجمال، ولو أنه كان يؤثر نصحك ويصدقك الحديث عن نفسك لمثل لك جريمتك في نظرك بصورتها الشوهاء، وهنالك ربما وددت بجدع الأنف لو طواك بطن الأرض عنها، وحالت المنية بينك وبينها.شريكك في الجريمة حكومتك؛ لأنها كانت تعلم أن الجريمة هي الحلقة الأخيرة من سلسلة كثيرة الحلقات وكانت تراك تمسك بها حلقة حلقة وتعلم ما سينتهي إليه أمرك فلا تضرب على يدك ولا تعترض دون سبيلك، ولو أنها فعلت لما اجترمت، ولا وصلت إلى ما إليه وصلتكانت حكومتك تستطيع أن تعلمك وتهذب نفسك، وأن تقفل بين يديك أبواب الحانات، وأن تحول بينك وبين مخالطة الأشرار بإبعادهم عنك وتشريدهم في مجاهل الأرض ومخارمها، وأن تعديك على قتيلك قبل أن يبلغ حقدك عليه مبلغه من نفسك وأن تحسن تأديبك في الصغيرة، قبل أن تصل إلى الكبيرة، ولكنها أغفلت أمرك فنامت عنك نوما طويلا حتى إذا فعلت فعلتك استيقظت على صوت صراخ المقتول وشمرت عن ساعدها لتمثل منظرا من مناظر الشجاعة الكاذبة، فاستصرخت جندها واستنصرت أسلحتها وأعدت جذعها وجلادها، وكان ما فعلت أنها أعدمتك حياتها. هؤلاء شركاؤك في الجريمة هذا وبالله التوفيق وللحديث صلة. بحول الله وقوتههوامش:مجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي 6/ 357، بترقيم الشاملة آليامجمع الحكم والأمثال في الشعر العربي 4/ 49، بترقيم الشاملة آلياصحيح البخاري, باب يمين الرجل لصاحبه انه اخوه اذا خافمحاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء 2/ 11النساء59صحيح مسلم كتاب الإيمان.باب بيان كون النَّهي عن المنكر من الإِيمان، وأنَّ الإِيمان يزيد وينقص، وأنَّ الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر واجبانصحيح مسلم كتاب الإِمارة. باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وتحريمها في المعصيةمسند الإمام أحمد.صحيح البخاري، كِتَاب الْقَدَرِ. باب الْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّهُ عَاصِمٌ مَانِعٌربيع الأبرار ونصوص الأخيار (5/ 184)الأنفال:41الطبقات الكبرى ط دار صادر (7/ 29)الشكوى والعتاب ص: 109الشكوى والعتاب ص: 110الشكوى والعتاب ص: 105الشكوى والعتاب ص: 106هو أبو العاص الحكم بن عبد الرحمن الناصر..تاسع أمراء بنى أمية ببلاد الأندلس. بويع له فى شهر رمضان سنة خمسين وثلاثمائة فى جميع مدن الأندلسنهاية الأرب في فنون الأدب 23/ 402نهاية الأرب في فنون الأدب 6/ 53] العقد الفريد 1/ 53النظرات 1/ 131