15 سبتمبر 2025

تسجيل

نساء غزة في مرمى الحرب

13 نوفمبر 2023

كثيراً ما يقع كاتب المقال في حيرة حيال الموضوع الذي سيكتبه إلى وقت إمساك قلمه، ليدخل في نزال مع صفحات بيضاء فاغرة فاها بانتظار الغيث، إلا أن وبلحظة ما، تجبرك الأحداث والوقائع المحيطة بك للتشبث بأول خيوط العنوان الذي ستطرحه على القارئ المنتظر بكل شغف زاويتك، وهل ستشبع هذه المرة فضوله وتتحدث بلسانه لاسيما في ظل تواصل الحرب الضارية على قطاع غزة منذ قرابة الـ35 يوماً، لتكتب من زاوية وحدك تراها وتحاول انتشالها من تحت ركام الأخبار المتوالية علينا من وسائل الإعلام كافة على مدار اليوم، لتنفض الغبار من عليها، سعيا منك لتوجيه أنظار العالم إلى قضة منسية، ليس سوى لتكون أنت صوت الغزيين والغزيات الذين بُحَّت أصواتهم حتى غاب صداها خلف هدير مدافع قوات الاحتلال الصهيوني التي باتت تخوض المعركة دون هدف أو أفق واضح سوى لتحقيق انتصار أجوف لحكومة «النتن-ياهو». وقد يكون الحديث عن استهداف العيادة الخارجية في مجمع الشفاء الطبي من القضايا الملحَّة سيما بعد استهدافها صباح الجمعة بشكل مباشر مخلفا القصف الهمجي من قبل العدو الصهيوني 100 شهيد لا مجال لمنحهم أحد الحقوق التي سلبوا منها وهم أحياء بدفنهم سوى حفر مقبرة جماعية داخل المستشفى لدفن 100 جثة ملقاة في المستشفى بسبب عرقلة قصف الاحتلال الإسرائيلي دخول أو خروج عربات الإسعاف من وإلى المجمع على حد قول مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة الدكتور منير البرش لوكالة الأناضول الإخبارية، إلا أن الحديث عن وضع النساء الحوامل يعد من الأهمية بمكان خاصة بعد التصريحات التي أدلى بها أحد الأطباء العاملين في أحد مستشفيات قطاع غزة، مؤكدا أن الطواقم الطبية بدأت تتخذ قرارا باستئصال أرحام النساء بعد الولادة ممن تصاب بنزيف لعجزهم عن التعامل مع الحالات، لافتا إلى أن الأمر في الأحوال الطبيعية بالإمكان التصدي له، أما في الأوضاع التي تشهدها أغلب المستشفيات في القطاع والتي تعاني من شح لأبسط الإمكانيات الطبية فضلا عن عدم توفر مخزون الدم، تقوم الطواقم الطبية باتخاذ القرار الصعب للحفاظ على حياة السيدات اللاتي يصبن بنزيف خلال الولادة وعلى الرغم من صغر سنهن إلا أن قرار اسئصال الرحم هو السبيل الوحيد للحفاظ على حياتهن، الأمر الذي وصفه بالكارثي، سيما وأنّه وبسبب الحرب شهدت المستشفيات ارتفاعا في حالات الولادات المبكرة بسبب قصف منازلهن، إذ اضطرت الطواقم الطبية لإجراء جراحات ولادة مبكرة بينما الأم تحتضر، فمع بداية الحرب كان قطاع غزة يؤوي 50 ألف امرأة حامل مع إمكانيات محدودة للحصول على الخدمات الصحية الأساسية، ومن المقرر أن تلد خلال الشهر المقبل 5500 امرأة أي أكثر من 180 ولادة يوميا بناء على ما نشرته (UNFPA)- وكالة الصحة الجنسية والإنجابية التابعة للأمم المتحدة-في السابع من نوفمبر الجاري، الأمر الذي يشير إلى أن وضع النساء الغزيات مزرٍ ومن الصعب الإغفال عنه، سيما وأن العديد من النساء وبسبب ظروف الحرب جعلتهن يلجأن قسراً إلى المدارس في ظل افتقارها إلى الضروريات الأساسية كالملابس ومستلزمات النظافة الشخصية أو حتى الوصول إلى الحمامات. ويضاف إلى هذه المعاناة أن نساء غزة يلجأن إلى تناول حبوب منع الحمل لتأخير حيضهن بسبب ندرة وشح الاحتياجات الصحية التي تتطلبها النساء بصورة شهرية، وهذا ما أكده موقع الدراسات الفلسطينية في أن النساء في قطاع غزة يعانين جراء نقص في الفوط الصحية، والمياه اللازمة للاغتسال والعناية بالنظافة الشخصية، كما أنهن يضطررن إلى النوم على البلاط في مراكز الإيواء، وهو ما يعرضهن للبرد والآلام الجسدية، ونتيجة لهذا الوضع، وبحسب تداول ناشطين وناشطات غزيات، يضطر بعض النسوة إلى تناول حبوب لمنع الدورة الشهرية، الأمر الذي يمكن أن يسبب تبعات صحية مستقبلية. وهذا الأمر الذي يزداد سوءا ليس يوما بعد يوم إنما كل دقيقة تعيشها النسوة في قطاع غزة دون توفير أبسط الاحتياجات لحماية ما تبقى من آدميتهن، ينذر بكارثة إنسانية من نوع آخر، لذا فالأمر يتطلب التحرك السريع من قبل المنظمات الحقوقية التي تنادي بحقوق المرأة، إلا أننا لم نعد نسمع لهم صوتاً في أكثر الأوقات دقة وحساسية سيما وأن الأمر يتعلق بأكثر من 493,000 امرأة وفتاة من النازحات في قطاع غزة جراء القصف المتواصل من العدو.