12 سبتمبر 2025

تسجيل

"سيادة الدولة وحرية الدولة"

13 نوفمبر 2022

نشرت جريدة القبس الكويتية في عددها الصادر يوم الأحد 6 نوفمبر 2022 مقالة لسعادة الأستاذ عبدالله بشارة الأمين العام الأول (1981-1993) لمجلس التعاون لدول الخليج العربية تحت عنوان: الظاهرة القطرية.. في تلاقي الحزم والكرم. في مقالته، سرد السيد عبدالله بشارة لبعض خفايا عمل مجلس التعاون والعلاقات بين أعضائه والمسارات التي يعتمدها المجلس في اتخاذ قرارته التي تصدر عادة بالإجماع. وفي ذلك يقول السيد بشارة إن القاعدة الأساسية للمجلس لمسيرة التعاون بين الدول الأعضاء هو «احترام السيادة وحرية الحركة الدبلوماسية». احترام السيادة هذه وحرية الحركة الدبلوماسية هما ما عبر عنهما صاحب السمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني بعدم رضاه للسيد بشارة في مؤتمر القمة الذي عقد في مدينة أبوظبي عام 1992 عنهما. «كان المرحوم الشيخ خليفة نادرا ما يعترض على قرارات المجلس، لكنه يقف معترضا في حالتين، ضد أي قرار يرى فيه تجاوزا على سيادة الدولة، ويرفض أي قرار يتدخل في حرية الدولة في اختيار مساراتها، داخليا وفي دبلوماسيتها». ويستطرد بشارة ويقول «لم يكن ذلك الموقف محصورا في الشيخ خليفة، وإنما يشكل قاعدة ثابتة في مواقف قطر، في إطار مجلس التعاون، فلا تهاون بالأساسيات التي تشكل مقام الدولة». «لا تهاون بالأساسيات التي تشكل مقام الدولة»، إن الدلائل التي يشير إليها السيد بشارة في هذه الجملة، إن قطر ما كانت لتتنازل عن سيادتها أو قيمها ولا نهجها السياسي او الدبلوماسي من خلال مجلس التعاون، بل ان ضوابط العمل بالمجلس تنص على ذلك صراحة. هذا النهج الذي سنه الشيخ خليفة بن حمد لازال ساري المفعول، فقد ورثه صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وتوسع فيه من حيث التأكيد على سيادة الدولة ووحدة أراضيها وكذلك في خياراتها السياسية والدبلوماسية من حيث علاقاتها العربية والدولية ومسار دبلوماسيتها التي اتصفت بالانفتاح على دول العالم عامة وخصوصا دول الجوار التي تربطنا بها أواصر الدين والتاريخ المشترك. ولا يفوتني هنا أن أسجل موقف دولة قطر من ثورات الربيع العربي التي اندلعت في العام 2011 والتي وقفت فيها مساندة لحق الشعوب في تقرير مصيرها، هذا الموقف الذي انفردت به قطر من بين مجموع دول مجلس التعاون. وعلى الصعيد الداخلي ارتأت الدولة ضرورة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وانطلاقا من ذلك عقدت أول انتخابات بلدية في العام 1999، ومن ثم تم تشكيل لجنة إعداد الدستور الدائم في ذات العام، وجاء في ديباجة القرار الأميري: « وإيمانا منا بأهمية ترسيخ أسس الممارسة الديمقراطية في حياتنا السياسية والاجتماعية، وتدعيم مؤسسات الدولة وتعظيم دور المشاركة الشعبية...» وإن قطر اليوم في عهد أمير البلاد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تسير على نهج من سبقوه من ثقة في الذات والشعب والتلاحم الذي شهده العالم في العام 2017 وما بعدها من سنوات تجلت فيها استقلالية القرار القطري في أبهى صورها والمكانة الدولية التي ارتقت ووصلت لها لتكون محل ثقة العالم شرقا وغربا للتوسط في حل كثير من مشاكله. وداخليا، استمرت عملية البناء والعمران والاستثمار في الإنسان من خلال مشاريع التعليم الأساسي والعالي والصحة من حيث التوسع في فتح كليات الطب وبناء المستشفيات والمراكز الصحية، وفوق هذا وذاك استكمال مشاريع المشاركة الشعبية حيث عقدت الانتخابات لاختيار أعضاء أول مجلس شورى منتخب في اكتوبر من عام 2021. ولا يفوتني الذكر هنا أن المكانة التي وصلت لها قطر عربيا ودوليا هيئت لها لاستضافة كأس العالم 2022 فيفا قطر. وختم عبدالله بشارة مقالته: «ما مفاتيح الأسرار التي يحملها المسؤولون في قطر؟ أوجزها – كما أراها- بما يلي: لا تعبأ بهموم، ولا تخاف من مجهول، وتغدق باليقين بأن غدا سيكون الحصاد، ولا تستحي من الفشل، وتعيش في هذا الكون بقناعة بأن الحياة فيها نجاح وفشل، فيسعدها النجاح، ولا تنهار من الفشل». نعم قطر، تصمد وتستشرف طريق المستقبل، فتتعلم من الماضي وتضع الدروس المستقاة للمستقبل، لذلك عملت في السنوات القريبة الماضية على الأمن الغذائي والمائي، واستكملت بناء المنشآت الحيوية والإستراتيجية المدنية منها مثل ميناء حمد، والعسكرية فزودت قواتها المسلحة بأحدث الأسلحة والمعدات العسكرية. أصبح التكيف مع المتغيرات نهجا أدركه الشعب القطري، فقطر تضع الخطط الذكية المناسبة لكل مرحلة، واضحة في الرؤية رغم المتغيرات المتسارعة والتحديات دوليا وعربيا، لذلك كسبت ثقة العالم واحترامه. «سيادة الدولة وحرية الدولة»